به، وانتظروا وقت نزول العذاب الساحق، إننا منتظرون أمر ربنا ووعده الصادق لنا بالنصر، ووعيده المتحقق لأعدائنا، إنكم تنتظرون الهزيمة لنا ولفكرنا وعقيدتنا، ونحن ننتظر مجيء العذاب الشديد على بغيكم وعدوانكم وإعراضكم عن صراط ربّكم.
ثم أخبر الله تعالى عن عاقبة التفرّق والتمزّق، فذكر أن الذين فرقوا دينهم، وهم أهل البدع والشّبهات، وأهل الضّلالة من هذه الأمة، والقائمون على تفريق الأمة، هؤلاء لا تتعرض لهم يا محمد ودعهم وشأنهم ولا تقاتلهم، وإنما عليك تبليغ الرسالة، وإعلان شعائر الدين الحق، إنك أيها النّبي بريء منهم وهم برآء منك، والله يتولى أمرهم وحسابهم، ثم يخبرهم في الآخرة، ويجازيهم على تجزئة الدين، بالإيمان ببعضه والكفر ببعضه الآخر.
والجزاء على الأعمال واضح وأمر حتمي، فمن جاء يوم القيامة بالخصلة الحسنة والفعلة الطيبة من الطاعات وأداء الفرائض والتزام شرائع الله، فله جزاؤها عشر حسنات أمثالها، والمضاعفة بعدئذ إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة بحسب فضل الله وبمقتضى مشيئته وحكمته وعلمه بأحوال المحسنين. ومن جاء بالسيئة فاقترف منكرا أو ارتكب ذنبا، فله عقوبة مماثلة لها فقط لا يظلمون، أي لا ينقصون من أعمالهم شيئا.
جاء في الحديث النّبوي عند أحمد والبخاري وغيرهما عن ابن عباس:
أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال فيما يرويه عن ربّه تبارك وتعالى:«إن ربّكم عزّ وجلّ رحيم، من همّ بحسنة فلم يعملها، كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشر حسنات إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها، كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له واحدة، أو يمحوها الله عزّ وجلّ، ولا يهلك على الله إلا هالك»
والملائكة الكرام هم الموكلون بكتابة الحسنات والسيئات، بأمر الله لهم.