ولا تتعجّبوا أن بعث الله إليكم رسولا من جنسكم لينذركم أيام الله ولقاءه، معه ذكر من ربّكم، والذّكر: المواعظ والأوامر والنّواهي. واذكروا فضل الله عليكم ونعمته، حين جعلكم ورثة نوح أو خلفاءه، ومنحكم طولا في القامة وقوة في الجسد تفوق أمثالكم من أبناء جنسكم وعصركم، واذكروا آلاء الله، أي نعمه وأفضاله، واهجروا الأوثان والأصنام، لتكونوا من النّاجين المفلحين السعداء.
فردّوا عليه متمرّدين بقولهم: أجئتنا لأجل أن نعبد الله وحده، ونترك عبادة الآباء للأصنام شركاء الله، فهم يقرّون بوجود الإله الخالق المبدع، لكنهم لا يفردونه بالعبادة، وتمادوا في طغيانهم، واشتطّوا في الحماقة والتّحدي، فطلبوا إنزال العذاب عليهم، قائلين: استعجل إنزال العذاب علينا إن كنت صادقا في تهديدك ووعيدك.
أجابهم هود عليه السّلام بقوله: إنه قد وجب عليكم وحق بمقالتكم هذه نزول عذاب من ربّكم، وسخط وطرد من رحمة الله، أتحاجّونني في هذه الأصنام، وتخاصمونني في أن تسمى آلهة، وهي لا تضرّ ولا تنفع؟ إنكم تسمّونها آلهة، وهي تسمية باطلة، ما أنزل الله بها من حجة ولا برهان أو دليل على عبادتها، فانتظروا نزول العذاب الشديد من الله الذي طلبتموه، إني معكم أحد المنتظرين لنزوله بكم.
ونزل بقوم عاد العذاب الشديد وهو الريح العاتية التي دمّرتهم ودمّرت كل شيء أتت عليه، وتم استئصال الكافرين الذين كذبوا بآيات الله، ولم يكونوا مؤمنين بالله إلها واحدا لا شريك له، ونجى الله هودا والذين آمنوا معه برحمة عظيمة من الله، وكذلك ينجي الله المؤمنين.