توافد السحرة من كل جهة، وقالوا لفرعون: أئن لنا لأجرا إذا تغلبنا على موسى؟
فقال فرعون: نعم لكم أجر عظيم، وتصبحون من المقربين إلي في المركز والمجلس.
وهذا إغراء بالمركز المالي والأدبي.
قال السحرة في مكان المباراة: يا موسى إما أن تلقي بسحرك، وإما أن نكون نحن الملقين. وفي هذا اعتزاز بأنفسهم وثقة بخبرتهم وترك المبالاة بعمله. فأجاب موسى جواب الذكي الخبير المتكل على تأييد ربه ونصره الواثق أيضا بغلبته في النهاية: ألقوا ما أنتم ملقون، وجاء في آية أخرى: فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (٨١)[يونس: ١٠/ ٨١] .
ألقى السحرة حبالهم وعصيهم، فسحروا أعين الناس، وأرهبوهم بأباطيلهم وأفزعوهم، وخيّلوا إلى الأبصار أن ما فعلوه، له حقيقة واقعة، ولم يكن في الواقع إلا مجرد صنعة وخيال، قال الزجاج: إنهم جعلوا في الحبال والعصي الزئبق، فكانت لا تستقر. وقوله سبحانه: سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ دليل واضح على أن السحر خيال لا حقيقة فيه، والفرق بين السحر والمعجزة: أن المعجزة تظهر على يد مدعي النبوة وتستمر متحدية مختلف ألوان السحر، والسحر يظهر على يد رجل فاسق، ويظهر أثره السطحي سريعا.