عجلا من الحلي له خوار، متأثرا بداء التقليد، حيث شاهد المصريين يعبدون الأصنام والأوثان والكواكب من شمس وغيرها، وتم الصنع كما حكى يحيى بن سلام عن الحسن البصري أنه قال: استعار بنو إسرائيل حلي القبط ليوم الزينة، فلما أمر موسى أن يسري بهم ليلا، تعذر عليهم رد العواري (الأشياء المستعارة) وخشوا أيضا أن يفتضح سرهم، ثم إن الله نفّلهم إياه.
ويروي أن السامري- واسمه موسى بن ظفر من قرية سامرة- قال لهارون حين ذهب موسى إلى المناجاة: يا هارون، إن بني إسرائيل قد بددوا الحلي الذي أستعير من القبط، وتصرفوا فيه، وأنفقوا منه، فلو جمعته حتى يرى موسى فيه رأيه، فجمعه هارون، فلما اجتمع قال للسامري: أنت أولى الناس بأن يختزن عندك، فأخذه السامري- وكان صائغا- فصاغ منه صورة عجل، وهو ولد البقرة، جسدا، أي جثة وجمادا، وقيل: كان جسدا بلا رأس، وقيل: إن الله جعل له لحما ودما. قال ابن عطية: وهذا (أي جعل اللحم والدم له) ضعيف لأن الآثار في أن موسى برده بالمبارد، تكذب ذلك.
وكان لهذا العجل خوار: وهو صوت البقر، اتخذه السامري بحيله صناعية، ثم اتخذه بنو إسرائيل إلها لهم، ثم عبدوه. وبالرغم من أن المتخذ واحد منهم وهو السامري، إلا أن هذا الاتخاذ نسب إليهم جميعا لأنه عمل برأي جمهورهم، ولم يحصل منهم إنكار عملي، فكأنهم راضون به مجمعون عليه.
رد الله على هؤلاء ردا عقليا مبسطا واضحا، مضمونه أن هذا العجل المتخذ من حلي الذهب أو الفضة إلها لا يستحق التأليه، بدليل قوله تعالى: أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ أي ألم ينظروا ويتأملوا أنه فاقد لمقومات الإله، فلا هو يكلمهم ولا يرشدهم إلى خير، ولا يهديهم سبيل