ذلك المثل الواضح في الغرابة هو مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله، واستكبروا عنها، ولم تنفعهم الموعظة، إنهم كانوا ضالين قبل أن تأتيهم رسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم بالهدى والرسالة، وبعد أن جاءتهم، فبقوا على ضلالتهم ولم ينتفعوا بذلك، فمثلهم كمثل الكلب مذموم في حال إقباله وإدباره، فاسرد عليهم أيها النبي ما يعلمون أنه من المغيبات التي لا يعلمها إلا أهل الكتب الماضية، لعلهم يتفكرون فيحذروا أن يكونوا مثله، فإن الله أعلمهم بصفة محمد صلّى الله عليه وسلّم وبرسالته، فهم أحق الناس وأولاهم باتباعه ومناصرته، لعلهم يتفكرون في مصير الكاذب الغاوي الضال، فيؤمنون إيمانا صحيحا بالله وبكتبه ورسله.
لقد ساء مثلا مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله، وقبح فعلهم أشد القبح لإعراضهم عن النظر في آيات الله، إنهم بهذا الإعراض كانوا ظالمين أنفسهم بالتكذيب، فما ظلمهم الله، ولكن كانوا هم الظالمين أنفسهم بإعراضهم عن اتباع الهدى وطاعة المولى عز وجل.
حقا، إن موقف المعرضين عن آيات الله بترك الإيمان والعمل الصالح موقف يستدعي العجب والتأمل، فإنهم تركوا ما يدعو إليه العقل الرشيد، وتقتضيه مصلحة الإنسان، وإذا كان وضع الرافض أو المعارض لا يستند إلى منطق ولا إلى وعي، كان خاسرا منهزما في الحياة، ومضيعا على نفسه فرصة النجاة والسعادة. قال الله تعالى: