نزلت الآية الأولى: وَإِذْ يَمْكُرُ في شأن اجتماع قريش في دار الندوة.
أخرج ابن أبي حاتم وابن إسحاق عن ابن عباس قال: إن نفرا من قريش ومن أشراف كل قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة، فاعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل، فلما رأوه قالوا: من أنت؟ قال: شيخ من أهل نجد، سمعت بما اجتمعتم له، فأردت أن أحضركم، ولن يعدمكم مني رأي أو نصح، قالوا: أجل، فادخل، فدخل معهم، فقال: انظروا في شأن هذا الرجل، فقال قائل: احبسوه في وثاق، ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء: زهير ونابغة، فإنما هو كأحدهم.
فقال عدو الله الشيخ النجدي: لا والله، ما هذا لكم برأي، والله ليخرجن رائد من مجلسه إلى أصحابه، فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم، ثم يمنعوه منكم، فما آمن عليكم أن يخرجوكم من بلادكم، فانظروا في غير هذا الرأي.
فقال قائل: أخرجوه من بين أظهركم، واستريحوا منه، فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع.
فقال الشيخ النجدي: والله ما هذا لكم برأي، ألم تروا حلاوة قوله، وطلاقة لسانه، وأخذه للقلوب بما تسمع من حديثه، والله لئن فعلتم- ثم استعرض العرب- ليجتمعن عليه، ثم ليسيرن إليكم حتى يخرجكم من بلادكم، ويقتل أشرافكم.
قالوا: صدق والله، فانظروا غير هذا، فقال أبو جهل: والله لأشيرنّ عليكم