بثوبه، وقال: يا رسول الله، أتصلي عليه، وقد نهاك ربك أن تصلي على المنافقين؟
قال: إنما خيرني الله، فقال: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ وسأزيده على السبعين، فقال: إنه منافق، فصلى عليه، فأنزل الله: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ فترك الصلاة عليهم.
وقد فهم عمر ذلك من قوله تعالى: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ على أنه تقدم نهي صريح،
وقوله صلّى الله عليه وسلّم:«إنما خيرني الله»
يراد به أنه مجرد استغفار لساني لا ينفع، وغايته تطييب قلوب بعض الأحياء من قرابات المستغفر له.
هذه الآيات الكريمة تبين حكم معاملة زعماء النفاق، وهي تأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بأنه إن ردك الله من سفرك بالرجوع من غزوة تبوك إلى طائفة من المتخلفين المنافقين، فاستأذنوك للخروج معك إلى غزوة أخرى، فقل لهم تعزيرا وعقوبة: لن تخرجوا معي أبدا على أية حال، ولن تقاتلوا معي أبدا عدوا بأي وضع كان لأنكم معشر المنافقين اخترتم القعود عن أول مرة، وتخلفتم بلا عذر، وكذبتم في أيمانكم الفاجرة، وفرحتم بالقعود، وأغريتم غيركم بالتخلف عن الجهاد، فاقعدوا أبدا مع الخالفين، أي مع فئة النساء والصبيان والعجزة وأهل الأعذار.
ثم أمر الله تعالى رسوله صلّى الله عليه وسلّم بأن يبرأ من المنافقين، وألا يصلي على أحد منهم إذا مات، وألا يقوم على قبره ليستغفر له أو يدعو له لأنهم كفروا بالله ورسوله، وماتوا عليه، وهذا حكم عام في كل كافر أو منافق لا يدعى له ولا يستغفر له، لأنه كافر بالله ورسوله، ومات على الكفر أو النفاق، والفسق، أي الخروج من دين الإسلام والتمرد على أحكامه، وتجاوز حدوده وأحكامه من أوامر ونواه.
ثم خاطب الله تعالى نبيه، والمراد أمته، ممن لا تفتنه زخارف الدنيا، فلا تستحسن أيها النبي وكل مؤمن ما أنعمنا به على المنافقين وأمثالهم من الأموال