للمسلمين، ويعدّ ذلك مغرما وخسارة لأنه لا يرجو به ثوابا عند الله تعالى، وينتظر الأحداث والآفات والمصائب بالمؤمنين التي لا مخلص للإنسان منها، فهي تحيط به كما تحيط الدائرة، وهم بنو أسد وغطفان. فرد الله عليهم بأن دائرة السّوء ووقوع المصيبة تدور بهم وحدهم، وتلازمهم ولا تفارقهم. وهذا وإن كان بلفظ الدعاء من الله عز وجل عليهم، فالمراد به إيجاب الشيء وتحققه ولحوقه بهم: لأن الله لا يدعو على مخلوقاته وهم في قبضته، مثل قوله تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)[الهمزة: ١٠٤/ ١] وقوله سبحانه: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١)[المطفّفين: ٨٣/ ١] فهي كلها أحكام تامة، تضمنها خبره تبارك وتعالى، وقد وقعت فيهم، وأصيبوا بالهزيمة والخذلان.
والله سميع لما يقولون عند الإنفاق، عليم بما يضمرون وبمن يستحق النصر ممن يستحق الخذلان.
وهاتان الصفتان في بعض الأعراب لا تعني أنهم جميعا متصفون بهما، فمنهم مؤمنون، أي فبعض آخر من الأعراب يؤمنون إيمانا صحيحا بالله والرسول ويؤمنون باليوم الآخر، مثل جهينة ومزينة، وبني أسلم وغفار، وينوون بنفقتهم في سبيل الله القربة عند الله عز وجل، والتوصل لدعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ففي دعائه لهم خير الآخرة في النجاة من النار، وخير الدنيا في أرزاقهم ومنح الله لهم، ومن المعلوم أن الصلاة من الله على عباده رحمة، ومن النبي والملائكة دعاء، ومن الناس عبادة.
إن هذه النفقات التي ينفقها بعض الأعراب بإخلاص وحسن نية، ستكون قربة خالصة ودرجة رفيعة يتقربون بها عند الله تعالى، وسيدخلهم الله بها في رحمته، أي في جنته ورضوانه، إن الله واسع المغفرة عظيم الرحمة للمخلصين في أعمالهم، فهو سبحانه يستر لهم ما فرط منهم من ذنب أو تقصير، ويرحمهم بهدايتهم إلى صالح الأعمال المؤدية إلى حسن الختام والمصير، ويجعلهم أهلا لرضوانه وفضله، وإحسانه ومدده.