حسابه ويصحح خطأه، ولولا ما تقدم من الله تعالى من كلمة حق في جعل الجزاء الفاصل بين الناس يوم القيامة، لعجّل العذاب للناس في الدنيا بإهلاك المبطلين، وتعذيب العصاة بسبب اختلافهم، ولقضي بينهم في منازعاتهم أو خلافاتهم. وفي هذا وعيد للمنحرفين وإمهال للظالمين الكافرين.
ثم أورد الله شبهة يتمسك بها الكفار في كفرهم وزعمهم، وهي أنهم يقولون: هلا أنزل على النّبي محمد صلّى الله عليه وسلّم آية كونية حسّية مشاهدة كالتي نزلت على نوح وشعيب وهود وصالح وموسى وعيسى، تلك الآية تضطر الناس إلى الإيمان بالله، فردّ الله عليهم بأن يقول نبيّه لهم: إنما سلطان الغيب وتقديره أو معرفته وتوجيهه لله تعالى، إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل، لا يطّلع على غيبه أحد، والله وحده هو المختصّ بعلم الغيب، فلا يعلم به إلا هو، والأمر كله لله، يعلم عواقب الأمور، فإن قدر وشاء، أنزل آية كونية أو عقلية أو غيرهما، وإن شاء لم ينزلها، ويعلم الوقت المناسب لكل شيء. ثم قال تعالى: فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ وهذا وعيد واضح، فإن كنتم لا تؤمنون بي حتى تشاهدوا ما سألتهم من نزول الآيات المقترحة، فانتظروا حكم الله فيّ وفيكم، وهو ما يستحلّ بكم من العذاب جزاء عنادكم وجحودكم بالآيات.
وقد حقق الله تعالى وعيده، بنصر عبده محمد صلّى الله عليه وسلّم في معركة بدر وغيرها.
وهناك جواب آخر على طلب إنزال آية غير القرآن، وهو أن الله تعالى إذا أذاق الناس وهم الكفار رحمة، ورزقهم فضلا، من بعد ضرّاء مسّتهم، كالرّخاء بعد الشّدة، والخصب بعد الجدب، والأمن بعد الخوف، والصحة بعد المرض، إذا هم يسرعون بالمفاجأة الغريبة وهي المكر، أي الاستهزاء والطعن في مقام الحمد والشكر، والتّنكر للجميل والمعروف بعد زوال المكروه عنهم، وعدم الارتداع عن المعاصي، وذلك في الناس كثير. وإزاء هذا الموقف قل لهم يا محمد: الله تعالى أسرع مكرا، أي