أبانها الله بوضوح، ليعلموا علم اليقين بأن الملك المطلق لله، وأن كل ما سواه مملوك له.
ومن أدلّ الأدلة على قدرة الله تعالى على البعث والجزاء والثواب والعقاب: أنه تعالى هو المحيي والمميت، وإليه مرجع الخلائق حين يحييهم بعد موتهم، فيحشرهم للحساب والجزاء على أعمالهم، يحيي من النطفة، ويميت بالأجل، ثم يجعل المرجع إليه بالحشر يوم القيامة. قال ابن عطية: وفي قوة هذه الآيات ما يستدعي الإيمان وإجابة دعوة الله عزّ وجلّ.
وتتجلى القوة والرّهبة في عالم الحساب في أمور ثلاثة:
الأمر الأول- ذلك الصراع العنيف في داخل نفوس الكفار وإظهار الندامة على ما فاتهم من الفوز والخلاص من العذاب، ولهذا يقولون: قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ (١٠٦)[المؤمنون: ٢٣/ ١٠٦] .
الأمر الثاني- معاينة العذاب الذي لا يوجد أشد منه، ولا يتصور الإنسان في الدنيا مدى إيلامه وقسوته، وتنوعه ورهبته.
الأمر الثالث- اليأس من النجاة والشفاعة، لأن الملك المطلق والسلطان النافذ لله تعالى، فهو وحده القادر على ما يريد، العليم بما يستحقه كل إنسان من العقاب العادل. قال تعالى: وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩)[الكهف: ١٨/ ٤٩] .