ودليل تفرد الله بالعزة أنه مالك السماوات والأرض وما بينهما ومن فيهما، لا ملك لأحد فيهما سواه، فكان هو صاحب السلطان المطلق والتّصرف الشامل، ولا يتّبع الذين أشركوا الشّركاء لله فيما زعموا إلا بمحض الظّن الفاسد، أي الوهم الخطأ، من غير أي دليل، ولا حقيقة واقعية، فليس لله شريك أبدا، ولا تصلح الأصنام وغيرها آلهة لأنها مملوكة لله، ولا قدرة لها على شيء من أمور العباد، سواء النفع أو الضّر، بل لا تستطيع دفع الضرّ عن نفسها، ولا جلب الخير أو النفع لذاتها.
ما يتّبع هؤلاء المشركون فيما زعموا إلا الأوهام والتّخرصات أي التّخمينات وألوان الكذب فيما ينسبون إلى الله. وإذا لم تكن معبودات الوثنيين آلهة، فلا تصلح وسطاء أو شفعاء لعابديها عند الله لأن جميع من في السماوات والأرض مملوك لله تعالى، والمملوك لا شأن له أمام المالك، قال الله تعالى: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤)[مريم: ١٩/ ٩٣- ٩٤] .
ودليل آخر على تفرّد الله بالعزّة التّامة، وانعدام أي دور للشّركاء أنّه تعالى خالق الليل والنّهار، وجاعل الليل للاستراحة والسّكن والاطمئنان فيه بعد عناء النهار والاشتغال فيه، وجاعل النّهار مضيئا للمعاش والعمل والسّفر وقضاء الحوائج والمصالح، إن في ذلك (وهو كون الليل مظلما يسكن فيه، والنّهار مبصرا يتصرّف فيه) لدلالات وعلامات على قدرة الله وعزّته وكونه الإله المعبود بحق، لقوم يسمعون هذه الأدلة، ويعون ما فيها ويتدبّرون ما يسمعون، ويستدلّون على عظمة خالقها ومقدّرها ومسيّرها.
والحاصل: ان للعقل البشري في القرن العشرين بعد نضجه واكتماله أن يدرك إدراكا صحيحا أن الله وحده هو الإله المعبود، وكل من سواه من المخلوقات ليس لها