إليك ما يؤدي العمال، ولْنُصِبْ ما كان فيها من مَرْفَقٍ! قال: فأتى علي بن أبي طالب ونحن على تلك الحال، فقال لنا: إن رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"لا والله؛ لا نستعمل منكم أحدًا على الصدقة".
فقال له ربيعة: هذا مِنْ أَمْرِك! قَدْ نِلْتَ صِهْرَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فلم نَحْسُدْكَ عليه، فألقى عليٌّ رداءه، ثم اضْطَجَعَ عليه؛ فقال: أنا أبو حسن القَرْمُ، والله لا أَرِيمُ حتى يرجع إليكما ابناكما بجواب ما بَعَثْتُما به إلى النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -! قال عبد المطلب: فانطلقت أنا والفضل إلى باب حجرة النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى نوافقَ صلاة الظهر قد قامت، فصلينا مع الناس، ثم أسرعت أنا والفضل إلى باب حُجْرَةِ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - - وهو يومئذ عند زينب بنت جحش -، فقمنا على الباب، حتى أتى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخذ بأُذُنِي وأُذُنِ الفضل، ثم قال:
"أخرجا ما تُصَرِّرانِ".
ثم دخل، فأَذِنَ لي وللفضل، فدخلنا، فتواكلنا الكلام قليلًا، ثم كلَّمته أو كلَّمه الفَضْلُ - قد شك في ذلك عبد الله - قال: كلمه بالأمر الذي أمرنا به أبوانا، فسكت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ساعة، ورفع بصره قِبَلَ سَقْفِ البيت؛ حتى طال علينا أنه لا يرجع إلينا شيئًا، حتى رأينا زينب تُلْمِعُ مِنْ وراءِ الحجاب بيدها؛ تريد: أن لا تعجلا، وأن رسول الله في أمرنا، ثم خفض رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأسه، فقال لنا:
"إن هذه الصدقة إنما هي أوساخُ الناس، وإنها لا تَحِلُّ لمحمدٍ ولا لآل محمدٍ، ادْعُوا لي نَوْفَلَ بن الحارث".