أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بمكة وهو في قُبَّةٍ حمراء من أدَم، فخرج بلال فأذّن، فكنت أتتبَّع فمه ها هنا وههنا، قال: ثَم خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وعليه حُلَّةٌ حمراءُ بُرُودٌ يَمانِيَةٌ قِطْريٌّ (وفي رواية: قال: رأيت بلالًا خرج إلى الأبطح، فأذن، فلما بلغ: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ لوى عنقه يمينًا وشمالًا ولم يستدر، ثم دخل فأخرج العنزة) ... وساق حديثه.
(قلت: إسناد الرواية الأولى صحيح. وقد أخرجها مسلم في "صحيحه" تامًّا، والبخاري وأبو عوانة مختصرًا. والرواية الأخرى صحيحة؛ لكن قوله فيها:(ولم يستدر) شاذ بل منكر. والحديث قال الترمذي:"حسن صحيح"، وتمام الحديث سيأتي برقم (٦٨٩)).
إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا قيس -يعني: ابن الربيع-. (ح) وثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا وكيع عن سفيان جميعًا عن عون بن أبي جُحيَفة عن أبيه. وقال موسى: قال: رأيت بلالًا ... إلخ.
قلت: الإسناد الأول ضعيف؛ لأن قيس بن الربيع -وإن كان ثقة- فهو سيئ الحفظ، لكن يقويه متابعة سفيان له؛ وإسناد روايته صحيح؛ غير أن قوله:
ولم يستدر ... مما تفرد به قيس بن الربيع؛ فهي شاذة. وأما قول النووي في "المجموع"(٣/ ١٠٤):
"وفي رواية أبي داود: فلما بلغ: حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ لوى عنقه يمينًا وشمالًا ولم يستدر. وإسناده صحيح"!