للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"فأما الذين سمع منهم؛ فهو أنس بن مالك ... " إلخ.

وقد جزم بسماعه منه أحمد وأبو حاتم، ولكن علته أنه معنعن، كما سلف.

وفي الباب: عن ابن عباس، وأبي سعيد الخدري: عند البيهقي.

وهذه الأحاديث وإن كانت أفرادها ضعيفة؛ فمجموعها مما يعطي الحديث قوة، ويرقِّيه إلى درجة الحسن على أقل الدرجات. وقد حسنه الترمذي والنووي كما سبق، وقوّاه البيهقي؛ فقال الزيلعي (١/ ٩٣):

"قال البيهقي: والآثار الضعيفة إذا ضُمَّ بعضها إلى بعض؛ أحدثت قوة فيما اجتمعت فيه من الحكم. انتهى".

لكن الحديث ليس نصًّا فيما بوب له المصنف؛ لأن غاية ما فيه: أن الوضوء نِعْمَ العملُ، وأن الغسل أفضل، وهذا مما لاشكَّ فيه، وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}. قال ابن حزم رحمه الله (٢/ ١٤):

"فهل دلَّ هذا اللفظ على أن الإيمان والتقوى ليس فرضًا؟ ! حاشا لله من هذا! ".

قال:

"ثم لو كان في جميع هذه الأحاديث نصٌّ على أن غسل الجمعة ليس فرضًا؛ لما كان في ذلك حجة؛ لأن ذلك كان يكون موافقًا لما كان الأمر عليه قبل قوله عليه السلام غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم". و "على كل مسلم". وهذا القول منه - عليه السلام - شرع وارد، وحكم زائد ناسخ للحالة الأولى بيقين لا شك فيه، ولا يحل ترك الناسخ بيقين والأخذ بالمنسوخ".

قلت: والحق أن غسل الجمعة واجب؛ لأن الأحاديث الواردة في الباب قبله صريحة في ذلك لا تقبل التأويل إلا بتكلف واضح؛ لكنها لا تفيد الشرطية، فمن اغتسل يوم الجمعة؛ فقد أدى الواجب الذي عليه، ومن تركه فقد أثم؛ لكن صلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>