للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول، وقد لا يكون مريدًا بل يكون كارهًا لذلك الفعل الثاني الذي حلف عليه، سواء وجد الفعل أو لم يوجد، لكن إذا كان يعتقد لزوم الجزاء كمن يعتقد أَنَّ نذرَ اليمين لازم، وكما قيل: إنهم كانوا يعتقدون في شرع من قبلنا وصدر الإسلام: أن اليمين تُوجب وتُحَرِّم؛ فهنا يعتقد أنه إذا فعل الأول لزمه الثاني، وَإِنْ كان كارهًا للزومه له، كما يلزمه وَإِنْ لم يكن كارهًا للزومه له.

والإنسان قد يقول لامرأته: إِنْ فعلتِ كذا فوالله لأطلقنَّك أو لأضربنَّك، وهو يريد طلاقها وضربها إذا عصته، وقد يقول ذلك وهو لا يريد لا تطليقها ولا ضربها وإن فعلت ذلك، بل حلف ليفعلنَّه إِنْ فعلت، مريدًا نهيها عن الأول، معتقدًا أنها لا تخالفه، ولو عَلِمَ أنها تخالفه لم يحلف إذا خالفته أَنْ يفعل هذا، وقد يكون مريدًا إذا خالفته أَنْ يفعل هذا الثاني؛ وإذا عُرِفَ هذا الفرق فيما إذا كان المعلق يمينًا= فكذلك إذا كان المعلق نذرًا أو طلاقًا.

[فهو إذا قال] (١) وتصير الأقسام المعلقة بصيغة النذر مع كونها نوعين:

أحدهما: نذر التبرر؛ وهو ظاهر أَنْ يكون مقصودُهُ وجودَ الشرطِ، ووجودُ الجزاءِ عنده ضمنًا وتبعًا.

والثاني: نذر اليمين؛ فهذا على وجهين: فإنه تارة يكون يمينًا، وتارة يكون نذرًا، لكن نذرًا قَصَدَ به منع نفسه من الأول، فيكون في معنى اليمين ــ أيضًا ــ لكونه لم يَقصد لزومه له على تقدير الأول، فإنه إذا قال: لله عليَّ أَنْ أحج؛ قد يقصد حَضَّ نفسه فقط لغرضٍ له في الحج؛ إما مباحٍ كتجارة أو [٢٦٩/ أ] غير مباح، وقد يقصد التقرب إلى الله ــ تعالى ــ بالحج المنذور؛


(١) كذا في الأصل.