قوله:(الثانية [٢٦٠/ ب]: أَنَّا إذا جعلنا جهتي النذر واليمين واردتين على شيءٍ واحدٍ حَسُنَ النظرُ في تغليب أَيِّ الشائبتين أقوى أو تساويهما، وأَمَّا إذا جعلناه حالفًا على الفعل وناذرًا للإعتاق على ذلك التقدير فلا تزاحم بينهما)(١) كلامٌ صحيحٌ؛ ولهذا مَنْ جعله ناذرًا من الفقهاء ألزمه الوفاء بنذره لوجود شرطه، كما اتفقوا كلهم على لزوم النذر إذا علَّقه بشرطٍ يريدُ كونه، فلو كان في نذر اليمين ناذرًا للإعتاق كما هو ناذر له في نذر التبرر للزمه الإعتاق، بل من جعله حالفًا قال: إنه لم يقصد ما عَلَّقَهُ من التزام الإعتاق وغيره، بل هو كارهٌ للزومه إياه.
ولكن؛ يقال له: وليس هو ــ أيضًا ــ حالفًا لكونه التزم الإعتاق على ذلك التقدير كما ظننتَه، إذ لو كان كذلك لكان الملتزم للإعتاق عند الشرط الذي يريده حالفًا، وليس كذلك، بل إنما كان حالفًا لكونه التزم ما يكره لزومه له.
وقوله:(إذا جعلنا جهتي النذر واليمين واردتين على شيءٍ واحدٍ حَسُنَ النظر في التغليب أو التسوية) هو كلامُ مَنْ يَظُنُّ أنه يجتمع قصد النذر وقصد اليمين في تعليقٍ واحدٍ، وليس الأمر كذلك، بل هما يجتمعان في التعليق على طريق البدل والمعاقبة لا على طريق الاجتماع، فالحالف لا يلتزم إلا ما يكره أن يلزمه، والناذر يلتزم ما يريد لزومه، ولا تجتمع إرادةُ الفعل الموجبة له وكراهته المانعة منه في آنٍ واحدٍ، وحينئذٍ؛ فلا يحتاج إلى تغليب ولا تسوية، بل إذا قصد الجزاء عند الشرط كان ناذرًا ومطلِّقًا ومعتقًا ومظاهرًا وجاعلًا ومخالعًا وغير ذلك.