للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عتقه، بل لولا العتق لانتقل إلى الورثة مع وجود السبب وهو الموت، وهنا إذا عتق لم يكن هناك بيع أصلًا؛ وحقيقة كلامه: إذا بعتك فلا بعتك أو إذا بعتك لم أكن بعتك، فقد عَلَّقَ على الشرط نقيض موجبه، والنقيضان لا يجتمعان، وهو لو قصد هذا المعنى فقال: إذا بعتك لم أكن بعتك لم يلتفت إليه، بل إذا باعه انتقل إلى المشتري.

وأيضًا؛ فمثل هذا يكون لاعبًا بالمشتري هازئًا به، وذلك لأنه لم يقصد أن يعتقه إذا باعه، وإنما قصد ألا يبيعه، وجعل العتق لازمًا لبيعه لكراهته عتقه وإن وجد البيع، لا لإرادته عتقه إذا وجد البيع، وهو بمنزلة قوله: إِنْ بعتك فثمنك عليَّ حرام، فإذا باعَهُ لم يحرم ثمنه عليه، لكن عليه كفارة يمين في أظهر قولي العلماء وهو مذهب أحمد وأبي حنيفة وغيرهما، كما لو قال ابتداءً: ثمنك عليَّ حرام، ومراده أنه لا يبيعه، وأما إِنْ كان مراده التزام عتقه فهذا نذر لعتقه.

ومن قال: إنه لا يعتق لكونه [٢٢/ أ] قد خرج عن ملكه بالبيع إما مطلقًا، وإما إذا لم يكن للمشتري خيارٌ، أو كان ثَمَّ خيار وقيل (١) ذلك للمشتري؟

فيقال له: هَبْ أَنَّ البيع سبب لنقل الملك إلى المشتري، فهو ــ أيضًا ــ سبب لزوال الرق وثبوت الحرية، وتعليق العتق مُقَدَّم؛ فَلِمَ قُدِّمَ أَحَدُ المسبَّبَين دون الآخر وكلاهما ثبت بقوله؟ فهذا الذي جعل البيع مستلزمًا لعتقه وهو الذي باع بيعًا يكون ناقلًا للملك.

وأما قول بني لحيان لسرية عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح: لكم العهد


(١) الكلمة غير منقوطة في الأصل.