للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالأول نذرٌ لازمٌ، والثاني يمين مكفَّرة (١).

فَعُلِمَ أَنَّ الذي به صار ذلك التعليق يمينًا مكفرة ليس هو الالتزام الموجود في النذر اللازم، بل هو معنىً آخر، وهو قَصْدُ اليمين الذي هو تعليقه لأمرٍ يكره لزومه له وَإِنْ وجد الشرط، فإنَّ هذا المعنى [٢٥٣/ أ] منتفٍ في نذر التبرر وهو موجود في اليمين؛ فعلم [أنَّ تعليقه كان يمينًا مكفرة لهذا] (٢)، لا لكون المعلَّق التزامًا (٣)؛ وهذا المعنى موجودٌ في تعليقِ الطلاقِ والعتاقِ على وجه اليمين، فإنه عَلَّقَ ما يكره لزومه له وَإِنْ وُجِدَ الشرط فيكون يمينًا مكفَّرة.

الرابع: أَنَّ نذر اللجاج والغضب قد أجزأت فيه الكفارة، فَإِنْ كانت الكفارة وجبت فيه وليس بيمين بل لمشابهة (٤) اليمين؛ لزم من هذا أَنْ تجزئ الكفارة فيما أشبه اليمين وإن لم يُسَمَّ يمينًا، ولا بُدَّ أَنْ يكون الشبه في المعنى الذي لأجله وجبت الكفارة، وقد بينَّا أَنَّ ذلك ليس هو كون المعلق التزامًا، بل كون المعلق أمرًا يكره لزومه له، وهذا موجود في تعليق الطلاق والعتاق على وجه اليمين، فيلزم إجزاء الكفارة فيه.

الخامس: أَنَّ الالتزام موجود في جميع العقود؛ فإنَّ الضمانَ التزامُ وفاءِ دينِ المدين مع بقائه عليه وليس هو يمينًا، والبائع التزم تسليم المبيع، والمشتري التزم تسليم الثمن؛ فلو كان المسوِّغُ للتكفير هو الالتزام= لكان


(١) العبارة في الأصل هكذا: (فالأول يمين مكفرة، والثاني نذر لازم) وهو سبق قلم.
(٢) العبارة في الأصل هكذا: (أنه كان تعليقه يمينًا مكفرة لهذا)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.
(٣) انظر ما تقدم (ص ٦٠ وما بعدها).
(٤) في الأصل: (لمشابه)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.