للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢١٥/ ب] وأيضًا؛ فالمسائل التي أجمع التابعون فيها على أحد قولي الصحابة، إنما أجمعوا لظهورِ سنةٍ لهم صَدَرَ الإجماع عنها؛ كديةِ الأصابع، وَعِدَّةِ المتوفَّى عنها الحامل (١)، ونحو ذلك مما لا يعلم بين العلماء المشهورين المتأخرين فيه نزاعًا، وإن كان قد يكون فيه خلاف لا نعلمه، لا يجمعون على قول يكون القرآن والحديث والقياس يدل على نقيضه، فإنَّ هذا لم يقع قط.

الوجه الرابع: أَنَّ جميع أئمة المسلمين كانوا يدونون ألفاظ الصحابة والتابعين في العلم وينقلونها، بل هذا كان هو العلم عندهم بعد ألفاظ القرآن والحديث، وكانت الكتب المصنفة مثل: موطأ مالك بن أنس، ومصنف ابن جريج، وسعيد ابن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، وسفيان الثوري.

ومن بعدهم مثل: ابن المبارك، وابن وهب، وعبد الرزاق، ووكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، وسعيد بن منصور وغيرهم.

ومن بعدهم مثل: كتب الشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي عبيد، وأبي ثور، ومحمد بن نصر= مملوءة بأقوالهم.

وكذلك كتب أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن مملوءة بأقوال السلف من الصحابة والتابعين؛ فإنْ كانت مذاهبهم لا تعرف من أقوالهم، فقد أجمع أهل (٢) المذاهب المشهورة وغيرهم على أخذ العلم من أقوالٍ لا تفيد العلم بمراد أصحابها، وما أشبه هذا بقول مَنْ يقول مِن


(١) تقدم تخريجهما في (ص ٧٤٣).
(٢) في الأصل بعد ذلك: (العلم) ويظهر عليها أثر شطب الناسخ لها.