للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُقال: هذه يمين مكفرة، فإذا فَعَلَ ذلك الفعل أجزأته كفارة يمين، ولا يحتاج أَنْ يفعل الفعل الثاني الذي التزمه، بل يُنهى عنه إذا كان محرمًا أو مكروهًا، ومع ذلك فلو فعله لم تجب عليه الكفارة.

لكن بعض الناس يقول: مَنْ حَلَفَ ليفعلنَّ معصيةً فعليه الكفارة [٢٥٥/ب] وإن (١) فعلها؛ وهذا يشبه قول هؤلاء، وبإزائه قول مَنْ يقول: مَنْ حَلَفَ على طاعةٍ لا يفعلها فكفارتها أَنْ يفعلها، وهذه أقوالٌ ضعيفةٌ.

فإنَّ الكفارةَ وَجَبَتْ لما في الحنث مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ اليمين، وإذا فَعَلَ المعصية استحق عليها عقوبة أخرى، وإذا فعل الطاعة كان له عليها ثواب غير ما يستحقه بكفارة اليمين؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليأتِ الذي هو خير، وليُكَفِّرْ عن يمينه» (٢) فَأَمَرَ بالكفارة مع كون الحنث خيرًا من الإصرار على اليمين؛ فَعُلِمَ أَنَّ كون الحنث بفعل طاعة لا يُسْقِطُ اليمين بل يجب مع الحنث، وإذا لم يحنث فلا كفارة عليه وَإِنْ كان عاصيًا مستحقًّا للذم والعقاب بفعل المعصية التي التزمها لا بالحنث، وإلا فإذا حَلَفَ على يمين تضمنت تَرْكَ واجبٍ أو فعل محرمٍ= كان ينبغي على هذا القول أَنْ تجب عليه الكفارة مطلقًا سواء فَعَلَ الواجب وتَرَكَ المحرم، أو لم يفعل الواجب ولم يترك المحرم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فليأتِ الذي هو خير، وليكفِّر عن يمينه»، وقال: «أن يلج (٣) أَحدُهم يمينَهُ آثَمُ له عند


(١) غير واضحة في الأصل، وقدرتها بما أثبتُّ.
(٢) تقدم تخريجه في (ص ٢٦).
(٣) في الأصل: (إِنْ يُبَح)، والصواب ما أثبت.