للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لزومه له، والذي يكرهه هو الحنث فيها، وأما مجرد الحلف بها إذا لم يرد الحنث فيها= فلا محذور عليه فيه.

فمقصود القائل بقوله: أَيمان المسلمين أو أَيمان البيعة [تلزمني] (١) إن فعلت كذا؛ أي: يلزمني ما يلزم الحالف بأيمان المسلمين إِنْ فعلتُ كذا، وإِنْ أرادَ: يلزمني ما يلزم الحالف بأيمان المسلمين إِنْ فعلت كذا = كان مراده قد حَلَفْتُ بالأيمان التي يحلف بها المسلمون لا أفعل كذا، وإذا حَلَفَ بأيمان المسلمين لا يفعل كذا= كان مقتضاه أنه عند الحنث يلزمه ما يلزم الحالف بيمينِ يمينٍ منها، لكنَّ اللفظ هنا عامٌّ، وإِنْ لم ينطق بكل يمين بخصوصها، بخلاف ما إذا قال: والله لأفعلنَّ، والطلاق لي لازم لأفعلنَّ، وعليَّ الحج لأفعلنَّ ونحو ذلك، فإنَّ هذا حلف بيمينِ يمينٍ منها على سبيل التخصيص والتفصيل.

والمعترض قد قال عن الطوسي: كأنه لمح أن المعلق ههنا التزام الطلاق وهو لا يلزم، وهذا معنى قولنا: إنه نذر الطلاق؛ فإنَّ النذر التزام المنذور كما يلزم الضامن دين المدين مع بقائه عليه، والضمان يلزم بالنص والإجماع.

وأما النذر إذا لم يُعَلَّق بشرط فقد ذهب الصيرفي وأبو إسحاق من أصحاب الشافعي إلى أنه لا يلزم كالوعد عندهم. قالوا: ولأنه عقد تبرع، والتبرعات لا تَلزم بالعقد، بل بالقبض بخلاف المعاوضات، كما إذا قال: إِنْ شفى الله مريضي فعليَّ أَنْ أُعتق؛ فهذا فيه شوب المعاوضة.


(١) إضافة يقتضيها السياق.