للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأقوال التي دلت الأدلة الشرعية فيها على قولٍ قال بعض العلماء خلافه، ولو ثبت عنده ما دلت (١) عليه النصوص الشرعية لم يعدل عنه، لكن كان معذورًا في عدوله عنه.

ثم مَنْ يتعصب لقوله إذا نَصَرَهُ وقد ظهرت الأدلة الشرعية بخلافه= احتاجَ أَنْ يتكلف له من رَدِّ الحق الظاهر والاحتجاج بالباطل ما يظهر معه أنه خارج بذلك عن طريقة أهل العلم المتقدمين والسلف [٢٧٠/ ب] الماضين، وعما أوجبه الله ــ سبحانه وتعالى ــ على المسلمين حيث يقول تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩].

فصلٌ

وقوله: (ونَشَأَ مما قلته: أَنَّ النذر هاهنا يكون بمثابة اليمين المعلقة على [ذلك] الفعل) (٢) كلامٌ من أجود ما قاله المعترض في هذا الباب، ولكن لا بُدَّ له من تمام، وهو شيئان:

أحدهما: أَنَّ هذا المعلِّق قَصَدَ الحض أو المنع من الفعل الأول بالتزام هذا النذر الذي جعله كاليمين، فصار كلامه متضمنًا يمينين في يمين، كما في مثل قول القائل: إِنْ صمتُ فوالله لأحجنَّ هذا العام.

الثاني: أَنَّ تعليق الالتزام هنا في قوله: إِنْ فعلتُ فعليَّ الحجُّ؛ لم يَقصد به أن يلزمه نذر لله، ولا قَصَدَ به حَضَّ نفسه ومنعها على هذا الحج، كما لو


(١) في الأصل: (دلَّ)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.
(٢) «التحقيق» (٤٨/ أ)، وما بين المعقوفتين منه.