للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عباس: الطلاق عن وطر والعتق ما ابتغي به وجه الله. فَنَقَلَهُ هو بالمعنى وزاد عليه، فإنَّ لفظ البخاري ليس فيه حصر، ولا هو صريحًا [في العموم] (١)، بخلاف اللفظ الذي نقله هو عنه، وشَرْطُ النقلِ بالمعنى المساواةُ في الجلاء والخفاء).

فيقال: أمَّا نقله بالمعنى: فالمذاهب إنما تُنقل بالمعنى، وحديث الرسول يجوز نقله بالمعنى عند الجماهير، وأما مذاهب العلماء فما زال العلماء ينقلونها بالمعنى، وما علمت طائفة معتبرة نازعت في هذا، كما نازعت في نقل حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وإن لم يكن نقل المذاهب بالمعنى جائزًا فعامة ما في كتب الناس من نقل مذاهب الأئمة الأربعة وغيرهم غير جائز؛ بل نقلها بالمعنى الذي عُرِفَ أَنَّ المتكلمَ أراده أولى من نقلها بلفظ يحتمل ذلك المعنى وغيره؛ فإنَّ المتكلم قد يكون تكلم بلفظٍ معناه معروفٌ عنده، ثم يُغَيَّر العرف والاصطلاح في ذلك اللفظ؛ فمن نقل لفظه ولم ينقل عُرْفَه وعادَته فيه = أفهمَ الناس خلافَ مراده وجعلهم يكذبون عليه، ومَنْ نقله بالمعنى الذي عُرِفَ أنه أراده = جَعَلَ الناس يصدقون عليه (٢).

وأما قوله: (إن الناقل زاد على المعنى) فغلطٌ.

وقوله: (لفظ البخاري ليس فيه حصر ولا عموم) غلطٌ منه، فإنَّ قول ابن


(١) في الأصل: (بالعموم)؛ والمثبت موافق لما تقدم في (ص ٣٨٥).
(٢) تهذيب الأجوبة (١/ ٤٠٢ - ٤٠٩)، المدخل المفصل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل (٢/ ١٠٧٥). وانظر ما سيأتي قريبًا.