البخاري (١) عن نافع قال: طَلَّقَ رجل امرأته البتة إِنْ خَرَجَتْ، فقال ابن عمر: إِنْ خَرَجَتْ فقد بُتت منه، وإن لم تخرج فليس بشيء. ولم يذكر عن الصحابة في الطلاق المعلق الذي يمكن أن يكون يمينًا غير هذا.
وإن قيل: بل نعلم قول الصحابة في الحلف بالعتقِ، والحلفُ بالطلاق ليس لهم فيه قول؛ فهذا يبطل أن يكونوا أفتوا في الحلف بالطلاق بالوقوع، ثم لما تكلم التابعون في هذه المسألة وأفتى بعض التابعين بوقوع الطلاق المحلوف به، فهؤلاء لم ينقل عن أحد منهم ــ أيضًا ــ أنهم فَرَّقُوا بين الحلف بالعتاق والحلف بالطلاق مطلقًا، بل يكون قولهم هذا بناء على أَنَّ الحلف بالعتاق يلزم.
وإنْ قيل: منهم من نُقِلَ عنه أَنَّ الحلف بالعتق لا يلزم، كما نُقِلَ عن الحسن وعطاء.
قيل: ونقل عنهما أن الحلف بالعتق يلزم؛ فيحتمل أن يكون قولهما بلزوم الطلاق على هذا القول، ويحتمل أن يكون هؤلاء أفتوا في صور لا يتمحَّض فيها الحلف بالطلاق، بل يستعمل في الحلف وفي الإيقاع إما لظنهم أَنَّ ذلك كله إيقاع، وإما لأنَّ بعض ذلك لما كان يقصد فيه الإيقاع كثيرًا جعلوا الباب واحدًا لِعُسْرِ الفَرْق، فلا يجوز أن يلزمهم التعليق الذي يتمحض فيه الحلف عند الحض والمنع، كما تمحَّض الحلف بالنذر والعتق.
فإنَّ النوع الذي يظهر فيه أَنَّ قصده اليمين دون الإيقاع، ليس مثل النوع
(١) في كتاب الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون.