للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[و] (١) لا يلزمه كفارة، فلو حلف بذلك، فقال: إِنْ فعلتُ كذا فلله عليَّ أَنْ أُطَلِّق امرأتي يعتقد طلاقها قربة هو بمنزلة قوله: فعليَّ أَنْ أذبح نفسي لله أو فعليَّ لله ألا أتزوج أبدًا يقصد بذلك التقرب إلى الله؛ فأحمد يوجب عليه الكفارة إذا لم يفعل، كما لو قال: والله إن فعلت فلأطلقنَّها، وأما على قول أبي حنيفة والشافعي إذا كان في مُطْلَقِهِ (٢) ــ وهذا لا تلزمه كفارة ــ فكذلك في مُعَلَّقِهِ بطريق الأولى والأحرى.

وعلى هذا؛ فإذا قال: إِنْ فعلتُ كذا فكلُّ امرأةٍ أتزوجها طالق، أو ففلانة إِنْ تزوجتها طالق لا يلزمه كفارة إذا كان ذلك مجردًا، فإذا كان معلقًا بالفعل ــ وقلنا: لا يقع به طلاق، وليس هو نذرًا ولا يمينًا، بل هو إيقاع لطلاق ــ لم يقع، فلا معنى لوجوب الكفارة.

وأما مَنْ ظَنَّ أن الخراسانيين يوجبون عليه الكفارة إذا قال: إِنْ فعلتُ فعليَّ أَنْ أُطَلِّقَ امرأتي تطليقًا، فهو كمن نقل عن أبي حنيفة أَنَّ نذرَ المعصية فيه الكفارة مطلقًا كما أطلق ابن المنذر والخطابي، وأصحابه العارفون بمذهبه ذكروا أنه يوجب الكفارة إذا قصد اليمين، وهكذا ذكر الخراسانيون.

وأما أحمد؛ فإنَّ النذر عنده يمين، فهو يوجب الكفارة على كل مَنْ نذر ولم يوف، كما يوجبها على كل مَنْ حَلَفَ وحنث، سواء كان الفعل طاعة أو معصية.

وأما من قصد وقوع الطلاق منجزًا أو معلقًا على الملك أو معلقًا بصفة أخرى ولم يقع به = فلا أحد من المسلمين يُلْزِمُ هذا بكفارة يمين، وإذا حلف بهذا فهو أولى ألا تجب فيه كفارة، كما لو حلف بطلاق امرأةِ غيره،


(١) إضافة يقتضيها السياق.
(٢) في الأصل: (مطلق)، والصواب ما أثبتُّ.