للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيقال لهم: إذا كان النزاع في وقوع الطلاق معلومًا، لم يكن إثبات الوقوع بالإجماع بل لا بُدَّ من دليل، وأنتم لم تذكروا دليلًا صحيحًا على الوقوع، ثم إذا قُدِّرَ أَنَّ المجيب أو غيره قويت عنده الأدلة الدالة على عدم الوقوع، والتكفير قد نقل فيه خلاف ولم يُعلم ثبوتُهُ ولا انتفاؤه؛ ألم يكن في الاحتياط إذا رأى الرجل أنه لا يقع به الطلاق أَنْ يُكَفِّرَ مع ذلك خشية أن تكون الكفارة واجبة عليه؟! هذا إذا سمع أن فيها خلافًا ولم يَعلم بطلانه، فالاحتياط بإخراج [٤٩/ أ/ ب] (١) الكفارة مع الشك أولى من الاحتياط بإيقاع الطلاق مع الشك؛ فإنَّ هذا يتضمن مع تحريمها على زوجها تحليلها لغيره.

وهب أَنَّ الاحتياط مشروع فيما إذا اشتبه الحلال بالحرام، فإنه ليس مشروعًا في تحليل ما كان محرمًا بيقين، وهذه المرأة محرمة على الأجانب بيقين؛ فمن أوقع الطلاق بها مع الشك فقد أَحَلَّ الحرام بالشك، وهذا لا يجوز بالاتفاق، وأما إذا أمر بالتكفير مع الشك فليس فيه إلا أمر بعبادة يشك في وجوبها، ولا ريب أَنَّ مَنْ شَكَّ في عبادة عليه فاحتاط بأدائها كان محسنًا، وإذا أمره الآمر بأن يحتاط لنفسه فيؤدي ما يشك في وجوبه كان محسنًا في ذلك لم يكن هذا بمنزلة من يحرم المرأة عليه ويحلها للأجنبي بالشك، فإنه لا يقدر أحد أن يقيم حجة على وقوع الطلاق المحلوف به.

والمسألة التي تَنازع العلماء في وقوع الطلاق [فيها] (٢) إذا لم يترجح


(١) صورت هذه اللوحة مرتين، لوجود ورقة معترضة تحجب اللوحة الأساسية، كما تقدم التنبيه على نظائرها.
(٢) إضافة يقتضيها السياق.