للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصلٌ

(رجعنا إلى مقصودنا؛ وهو مَنْعُ أَنَّ نذر اللجاج والغضب يسمى يمينًا، ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم -: «كفارة النذر كفارة يمين» (١) فإنه غاير بينه وبين اليمين، وجعل موجبه موجبها، والجمهور حملوا ذلك على نذر اللجاج) (٢).

والجواب [٢٧٥/ أ]: أنه قد تقدم ما يدل على أَنَّ هذا يمين، وَبَيَّنَّا ذلك بالأدلة المتعددة، وَبَيَّنَّا أَنَّ ذلك إجماع السلف والأئمة والعامة (٣).

وأما قوله: «كفارة النذر كفارة يمين» فإما أَنْ يراد به أَنَّ النذر نوعٌ من اليمين فكفارته كفارة اليمين؛ كما يقال: نبيذ التمر والزبيب إذا اشتد خَمْرٌ، وَحَدُّهُ حَدُّ الخَمْرِ. وكما يقال: زكاة البخاتي زكاةُ الإبل، وزكاةُ الجواميس زكاةُ البقر. وكما يقال: حُكْمُ السَّامِرَةِ حكمُ اليهود أو حكمُ أهل الكتاب. ويقال: ذبائحُ بني تغلب كذبائح النصارى ونحو ذلك.

وإِمَّا أَنْ يراد به أَنَّ النذر مثل اليمين وَإِنْ لم يُسَمَّ يمينًا، وقد يراد في مثل ذلك أنه يُسمى يمينًا مع التقييد فيكون حكمه حكم ما يسمى يمينًا عند الإطلاق، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله وقد أحرم بعمرة وعليه جُبَّةٌ وهو متضمخٌ بخلوقٍ. فقال: «اغسل عنك أثر الخلوق، وانزع عنك الجبة، واصنع


(١) تقدم تخريجه في (ص ٩٢).
(٢) «التحقيق» (٤٨/ ب).
(٣) مجموع الفتاوى (٣٣/ ٥٤)، الفتاوى الكبرى (٤/ ١١٠، ١٢٠)، الصارم المسلول (٢/ ٤١ وما بعدها)، القواعد الكلية (ص ٤٤٥، ٤٤٨ ــ ٤٤٩).
وانظر ما تقدم (ص ١٨ وما بعدها).