للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصلٌ

قال: (ولا شك أَنَّ اليمين في اللغة تطلق على الحلف بكل ما تدخل عليه أدوات القسم؛ كالحلف بالله وصفاته، والآباء ــ على عادة العرب ــ والكعبة والقرآن وغير ذلك مما يُقصد تعظيمه، فإنَّ الحالفَ مُعَظِّمٌ للمحلوف به، مُؤكِّدٌ للمحلوف عليه= كُلُّ ذلك يسمى يمينًا، لأنهم كانوا عند العهود والالتزام وأخذ المواثيق يأخذون بأيمانهم، يمسك كُلُّ واحد من المتعاقدين بيمينِهِ يمينَ صاحبِهِ؛ فَسُمِّيَ يمينًا للزوم اليمين فيه، وسمي قَسَمًا وحلفًا وعهدًا وميثاقًا وإيلاء، وَسُمِّيَ المحلوف عليه يمينًا لتلبُّسِهِ (١) بها؛ ومنه الحديث: «مَنْ حَلَفَ على يمينٍ» (٢)) (٣).

والجواب: أَنَّ هذا الكلام يتضمن أنه لا يسمى يمينًا في الشرع إلا ما كانت فيه أدوات القسم، وأدوات القسم هي حروفه: كالباء والتاء والواو، وهذا هو الذي يَعْقِدُ له النحاة (باب القَسَم) ليتكلموا في إعراب ألفاظِ القسم.

فإنَّ أصل [٢٥١/ ب] هذا الباب: أحلف بالله؛ ثم لكثرةِ دورانِ القَسَم على ألسنتهم حذفوا الفعل كثيرًا، وصاروا يقولون: بالله، ثم عَوَّضُوا الواو عن الباء لتلازمهما؛ كما قالوا: تُخَمَه، وتُهَمَه، وتُجَاه؛ وأصل ذلك الواو، فإنه من الوجه والوهم (٤).


(١) في الأصل: (للشبه)، والمثبت من «التحقيق»، وهكذا ضبطت فيه.
(٢) تقدم تخريجه في (ص ٢٦).
(٣) «التحقيق» (٤٧/ أ).
(٤) اللباب في علل البناء والإعراب (١/ ٣٧٥) (٢/ ٣٣٦)، المفصل في صنعة الإعراب (ص ٥١٢ ــ ٥١٣).