للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي يخفى فيه الفرق بين قصد الأيمان وقصد الإيقاع، فإذا كان قد اشتبه على العالم الخفي لم يلزم أن يشتبه عليه الجلي.

وذلك: أَنَّ تعليق الطلاق فيه ما ليس فيه حَضٌّ ولا منع ولا تصديق ولا تكذيب، كتعليقه على الطُّهْرِ وعلى دخول الشهر ونحو ذلك، فهذا ليس بيمين مكفَّرة عند أحد من المسلمين، وفيه ما فيه حض ومنع لكن قد يقصد إيقاع الطلاق عند إيقاع الصفة، فإذا قصد إيقاع الطلاق عند إيقاع الصفة= لم يكن هذا يمينًا مكفَّرة عند أحد من المسلمين، بل هذا النوع والذي قبله قد قال بعض الناس إنه لا طلاق فيهما؛ كما قال أبو عبد الرحمن [٩٩/ ب] الشافعي (١)

وابن


(١) هو: أحمد بن يحيى بن عبد العزيز البغدادي، من كبار الأذكياء، ومن أعيان تلاميذ الشافعي؛ فلذا نُسِبَ إليه.
قال أبو ثور: كُنَّا نختلف إلى الشافعي، فكان يقول لنا: لا تذهبوا إلى أبي عبد الرحمن يعرض لكم، فإنه يُخطئ، وكان ضعيف البصر.
وسئل أبو داود السجستاني عن أصحاب الشافعي، فذكر جملةً منهم، ثم قال: ورجلٌ ليس بالمحمود؛ أبو عبد الرحمن أحمد بن يحيى ــ الذي يُقال له: الشافعي ــ وذلك أنه بَدَّلَ وقال بالاعتزال.
قال الدراقطني: كان من كبار أصحاب الشافعي الملازمين له ببغداد، ثم صار من أصحاب ابن أبي دؤاد واتَّبَعه على رأيه؛ وكذلك قال الشيخ أبو إسحاق.
قال ابن كثير معلِّقًا على قول أبي إسحاق بأخذ أبي عبد الرحمن بقول ابن أبي دؤاد: إنما صار إلى رأي أبي دؤاد في القول بخلق القرآن؛ فأما في الفروع فهو باقٍ على مذهب الإمام الشافعي، وله وجوهٌ تُحكى.
وقال ابن حجر في لسان الميزان (٩/ ١١٣): ومن مفردات أبي عبد الرحمن قوله: إنَّ الطلاق لا يقع بالصفات.

انظر في ترجمته: تاريخ بغداد (٦/ ٤٤١)، تاريخ الإسلام (٥/ ٧٣٦، ٩٨١)، سير أعلام النبلاء (١٠/ ٥٥٥)، طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (٢/ ٦٤)، طبقات الشافعية لابن كثير (١/ ١٢٤)، «التحقيق» للسبكي (١٠/ أ).