للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرط، فإنْ قَصَدَ وجود المشروط ــ الذي هو الجزاء ــ على تقدير وجود الشرط = فليس بحالف، لم يقل المجيبُ أَنَّ مجردَ قَصْدِ عدم الشرط مانعٌ من قصد المشروط، بل قد ذَكَرَ في غير موضعٍ من كتبه أن الذي لا يقصد الشرط تارة يقصد المشروط فيكون موقعًا لا حالفًا، وتارة لا يقصده فهذا هو الحالف، فمع عدم قصد [١٢٤/ أ] الشرط يكون حالفًا تارة وموقعًا أخرى (١).

لم نقل إِنَّ عدم قَصْدِ الشرطِ مستلزمٌ لعدم قصد الجزاء، كما يظنه هذا الغالط الذي بنى كلامه على هذا الأصل الفاسد، وجعل ما نُقِلَ عن الصحابة والتابعين في وقوع الطلاق عند كل شرط يقصد عدمه = يقتضي أَنَّ اليمين لا كفارة فيها، بل جعل ما يُعَلَّقُ من الوعيد وغيره لكون المعلِّق قَصَدَ ألا يكون الشرط = موجبًا أن يكون الوعيد من الأيمان المكفَّرة عند من يقول: إِنَّ تعليق النذر والطلاق والعتاق تارة يكون يمينًا وتارة يكون إيقاعًا، وإذا كان يمينًا فهو يمين مكفَّرة في أظهر القولين، وهو الثابت عن الصحابة وجمهور التابعين وأكثر العلماء، وقيل: بل لغو، فلما ظَنَّ هذا الغالط أَنَّ المناط الذي جعله هؤلاء يمينًا هو مجرد عدم قصد الشرط = صار يُدْخِلُ في ذلك كُلَّ من لم يقصد الشرط وإن كان مُتَوَعِّدًا وإنْ كان مُطَلِّقًا.

ولو تدبر كلام الصحابة ــ رضوان الله عليهم ــ والتابعين وسائر العلماء الذين فَرَّقُوا بين التعليق الذي يقصد به اليمين والذي لا يقصد به اليمين= لتبين له أَنَّ الحالف عندهم الذي أمروه بالكفارة إنما كان حالفًا لأنه كاره للشرط وكاره للجزاء وإن وجد الشرط، وأن الناذر نذر اللجاج والغضب إذا


(١) في الأصل: (يكون حالفًا وتارة موقعًا أخرى)، والصواب ما أثبتُّ.