للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعلومٌ أَنَّ مثل هذا لو [٩٣/ ب] فَعَلَهُ (١) الإنسان بمن هو دون الصحابة = لكان فيه من القول بلا علم وتقويل الأكابر من الخطأ ما لم يقولوه (٢) ما فيه من حَقِّ الله وحقهم، وما يتصل بذلك من الكلام في الدين بالباطل ما يكون أقل أحواله: أن يكون مردودًا على قائله.

الوجه الثالث: أن هذا القول لم يُعرف عن أحدٍ من المسلمين قبل أبي ثور، ولا نقله أَحَدٌ عن أَحَدٍ قبل أبي ثور، ولولا أَنَّ أبا ثور قاله لم يعرف به قائل في الإسلام، فلا يعرف في الإسلام من جعل في الحلف بالنذر والعتق: الكفارة، وألزم الحالف بالطلاقِ الطلاقَ إلا أبا ثور، ولو كان هذا مما يعرف عن أحد من الصحابة أو يفهم من كلامهم = لكان هذا مما يتوفر نقل العلماء له عنهم، ولكان نقل ذلك عنهم أولى من نقله عن أبي ثور.

وإذا قيل: هذا النقل تركب من نقل الإجماع على الطلاق والنزاع في العتاق.

قيل: أول من حكى هذا الإجماع من العلماء هو أبو ثور، وأبو ثور قد صَرَّحَ عن نفسه بأنَّ مرادي في الإجماع الذي أحكيه: عدمُ العلمِ بالمنازع؛ فليس معه عن هؤلاء الصحابة إلا عَدَمُ علمِهِ بقولهم في الطلاق (٣).

وإذا لم أعلم قول قائل في مسألة وقد أفتى في نظيرها = لم يجز أنْ أجزم عنه بأنَّ فتياه في نظيرها مخالف فتياه فيها، بل إما أنْ أجعل قوله في


(١) كلمة غير واضحة، وبما أثبتُّ يستقيم الكلام.
(٢) في الأصل: (يقولونه)، والجادة ما أثبتُّ.
(٣) انظر ما تقدم (ص ١٠، ١٣٦ وما بعدها)، وما سيأتي (ص ٤١٧).