للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الثاني (١): أَنْ يقال: بل في تعليق العتق والطلاق قد يجب عليه فعلٌ (٢) في الذمة، فإنه إذا زال الملك وجب عليه أَنْ يُبَيِّنَ للعبد والمرأة زوال [١٥١/ ب] ملكه عنهما، وأن يخلي سبيلهما فيرفع الموانع المانعة لهما من الانطلاق، ويمتع المرأة ــ والمتعة واجبة عند الجمهور ــ؛ إما لِكُلِّ مطلقة، وإما لكل مطلقة سوى المطلقة بعد المسيس، وإما للمطلقة قبل الفرض والمسيس؛ وهي ثلاث روايات عن أحمد، الأُولى اختيار طائفة من السلف والخلف، والثانية مذهب الشافعي وهو مروي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - (٣)، والثالثة مذهب أبي حنيفة واختيار كثير من أصحاب أحمد (٤).

وبالجملة؛ فعليه أَنْ يُسَرِّحَ المطلقة بإحسان؛ كما قال تعالى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: ٤٩] فأمر بالتمتع والتسريح، وهما فعلان يثبتان في الذمة يمكنه أن يفعلهما وألا يفعلهما.

وقال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] فعليه في الطلاق الرجعي أَنْ يمسك بمعروف أو يُسَرِّحَ بإحسان،


(١) انظر (ص ٥٧٣).
(٢) في الأصل: (فعلًا)، والصواب ما أثبتُّ.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ (٦٦٨) ــ ومن طريقه الشافعي في مسنده (١٢٧٣) ــ، وعبد الرزاق في مصنفه (١٢٢٢٤)، وسعيد بن منصور في سننه (١٧٧٣)، وابن أبي شيبة في مصنفه (١٠/ ٨٧/رقم ١٩٠٢٣) وغيرهم ولفظه: (لكل مطلقة متعة إلا التي يطلقها وقد فرض لها صداق ولم تمس؛ فحسبها ما فرض لها).
(٤) مجموع الفتاوى (٣٢/ ٢٦ وما بعدها).