للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إِنْ قُدِّرَ أَنَّ هذا نزاعٌ سائغٌ، وأَنَّ هذا القول صحيح؛ فهذا أعظم حجة على المعترض وأمثاله، فإنه يقال لهم: إذا كان كُلُّ معلِّق للنذر سواء كان نذر تبرر أو نذر يمين تجزئه الكفارة ولا يلزمه ما جعله لازمًا له؛ فالطلاق والعتاق أولى ألا يلزم مَنْ جَعَلَهُ لازمًا له مع قصده اليمين.

بل قد يقال: إذا كان النذر المعلَّق لا يلزمه، فالطلاق المعلَّق لا يلزم بطريق الأولى والأحرى، ويكون هذا مما يحتجُّ به مَنْ يقول: الطلاقُ المعلَّقُ لا يلزم بحال، لكن النذر فيه كفارة يمين، وهذا الطلاق عند هؤلاء لا كفارة فيه، وهذا القول محدث لا يُعرف به قائل من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، لكن عُرِفَ به قائلون من المتأخرين.

وأما القول بأن النذر لا يلزم فما علمت به قائلًا مسمًّى، وقد عَرَفْتَ غَلَطَ مَنْ نقل ذلك عن أحمد وأمثاله.

الوجه الثاني: أَنَّ الالتزام موجود في الضمان والكفالة وغير ذلك، وليس (١) في ذلك كفارة باتفاق العلماء، بل قد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الزعيم غارم» (٢).

والعلماء المعروفون متفقون على لزوم ضمان الدين في الذمة، وجمهورهم يقولون بلزوم ضمان النفوس والأعيان وضمان المجهول وضمان ما لم يجب، كما في قوله: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢].


(١) في الأصل: (فليس)، والصواب ما أثبتُّ.
(٢) سبق تخريجه في (ص ٩٨).