للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآخر؛ فمنهم من يسمي كل من قصد الحض والمنع حالفًا وإن قصد الإيقاع، ومنهم من يُسمي كُلَّ مَنْ عَلَّقَ الطلاق حالفًا وإن كان تعليقًا محضًا ليس فيه حض ولا منع، ومنهم من يستثني المعلَّق بالطهر والحيض والسفر لأن له أسماء تخصه، والأقوال الثلاثة لمتأخري أصحاب أحمد، والأول لأصحاب الشافعي، والثالث لأبي حنيفة.

وسواء على ذلك ما إذا قال: إِنْ حلفتُ بطلاقكِ فعبدي حر، أوقال: إنْ حلفتُ بطلاقك فأنت طالق، أو فضرتك طالق، أو والله لا أحلف بطلاقك.

فاختلفوا فيما يدخل في قوله: إِنْ حلفتُ؛ على هذه الأقوال الثلاثة، وأما أحمد وقدماء أصحابه ومالك وغيرهما فإنهم يرجعون في مثل هذا بعد نِيَّةِ الحالف وسبب اليمين إلى عُرْفِهِ نفسه وما يفهمه هو من هذا اللفظ؛ فمن العامة مَنْ يُسمِّي كُلَّ مُطَلِّقٍ حالفًا، فهذا إذا قال: والله لا أحلف بطلاقك فطلقها حنث، وعلى تلك الأقوال جميعها لم يحنث، فإنه نجَّز الطلاق ولم يعلقه.

ومِنَ الناس مَنْ يجعل الحلف هو التعليق، والحلف بصيغة القسم، ومنهم من يجعل التعليق الذي يقصد به الحض والمنع، ومنهم من يقصد به المعنى اللغوي العقلي الذي كان يقصده الصحابة، وهو أن تعليقه مع كراهته لوقوعه عند الصفة كما يحلف به بصيغة الجزاء.

ولما كان هذا المعترض قد ظنَّ أنَّ المجيب يَجعل كل تعليق قصد به المنع فهو حلف، لا يفرق بين قصد الإيقاع وقصد اليمين وأن التعليق المجرد عنده لا يكون إلا في شرط لا يقصد وجوده ولا عدمه تولد له من هذا الغلط غَلَطٌ [١١٤/ أ] كبير في فهم كلام الصحابة والتابعين والعلماء،