للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغلطه هذا يلزم كُلَّ مَنْ فرق بين تعليق اليمين وتعليق الوعيد وأمثاله، فسموا الأول يمينًا ولم يسموا الثاني يمينًا.

فإنه من المعلوم أن أحدًا لم يسم مثل قوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٨] يمينًا، وسموا مثل قوله: إِنْ فعلتُ فكل مملوك لي حر وكل امرأة لي طالق يمينًا، وإن كان كلاهما فيه منع من الفعل، لكن الحالف يقصد منع نفسه أو منع غيره ممن (١) يرى أنه يَبَرُّ قَسَمَه فيعلق بالفعل ما يكره أن يلزمه، ويكون المحلوف عليه لا يرى أن يوقعه فيما يكره، فلا يحلف على من يعلم أنه يفعل الشرط فيقع الجزاء.

ولا يقول الأسير لمن أسره وهو لا يبالي أَطَلَّقَ امرأته أم لم يطلقها، ولا لعدوِّه ولا لقاهرٍ يظلمه ولا يبالي بطلاق امرأته، ولا لمن هو خارج عن طاعته ولا يعرفه ولا يبالي أَطُلِّقَت نساؤه وعتق عبيده وذهب ماله أم لم يكن كذلك = لا يقول: لا تفعل كذا وإن فعلته فنسائي طوالق وعبيدي أحرار ومالي صدقة؛ لا سيما إذا كان ذلك الشخص يريد ذلك الفعل.

ولا يقول للمحارب الذي يريد أخذ ماله: إِنْ أخذت مالي فمماليكي أحرار ونسائي طوالق، بل يقول إن أخذت شيئًا عاقبتك وانتقمت منك وقاتلتك أو شكوتك إلى ولي الأمر.

ولا يقول المسلمون لعدوهم المحاربين لهم أو أمير المسلمين: الطلاق يلزمني ما تفعلون كذا أو إن فعلتم كذا فنسائي طوالق وعبيدي أحرار، بل يقول: إنْ فعلتم كذا فسوف تعلمون ما أفعل بكم، إن قتلتم أحدًا


(١) في الأصل: (من)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.