للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسنة التي أوجب الله ــ تعالى ــ اتباعهما، وقد أمر بتبليغهما الخلق = لا يجوز أَنْ يضيع ذاك على الأمة ويحيلهم على ما لا يمكن أحدًا معرفته، وإِنْ أمكنت معرفته إنما يكون لآحادِ الناس، فإنَّ العلمَ بالإجماعِ الذي يخالف النصوص ولا نص معه لو قُدِّرَ وجودُهُ = لكان العلم به متعذرٌ أو متعسرٌ، فلو كان الواجب ترك ما دل عليه الكتاب والسنة لمثل هذا = لكان قد وجب ترك ما عُلِمَ أنه حق لما لا سبيل إلى علمه، بخلاف الإجماعات المعلومة، فإنَّ معها دلائل الكتاب والسنة توافقها (١).

ولهذا جمع الله ــ تعالى ــ في الوعيد بين مشاقة الرسول واتباع غير سبيل المؤمنين بقوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ [١٧٦/ أ] مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥]، فإنَّ مشاقة الرسول واتباع غير سبيل المؤمنين متلازمان كلٌّ منهما حَقٌّ، كما أَنَّ طاعة الله وطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - متلازمان كلٌّ منهما حق.

الوجه السادس: أَنْ يقال: طاووس بن كيسان من أجل أئمة المسلمين، وهو ممن ثبت عنه النقل الصريح بأن الحلف بالطلاق ليس بشيء.

بل طاووس أَجَلُّ أصحابِ ابن عباس؛ قال أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء (٢): (قال خصيف: أعلمهم بالحلال والحرام طاووس) (٣).


(١) انظر ما تقدم (ص ١٤).
(٢) انظر ما تقدم (ص ١٣، ٦٠٨).
(٣) (ص ٧٣).