للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال (١): فإنْ قلتَ: [هذا عند القائلين بوجوب الكفارة عينًا ليس بنذر لكنه يمين.

قلتُ:] (٢) فيبطل احتجاجهم عليه بقوله: «كفارة النذر كفارة يمين» (٣) فإنه جعله نذرًا، وجمهور الأصحاب [حملوا] (٤) هذا الحديث على نذر اللجاج الذي نحن نتكلم فيه، ولا دليل لهم على الكفارة فيه غيره) (٥).

فيقال: ما ذكره هنا هو من أحسن كلامه، وأجود ما ذكره مع احتياجه إلى تتمة وبيان؛ فيقال: أما دعوى من ادعى أَنَّ مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «كفارة النذر كفارة يمين» ليس إلا الحلف بالنذر الذي يسميه بعض الناس نذر اللجاج والغضب؛ ففي غايةِ الضعف؛ ولهذا لم يُعْرَف هذا القول عن أحدٍ من السلف، ولا قاله الشافعي ولا أحمد بن حنبل ولا أمثالهما من الأئمة الذين جعلوا في نذر اللجاج والغضب كفارةَ يمين، لكن هو قول طائفة من المتأخرين (٦).

وذلك أَنَّ قوله: «كفارة النذر كفارة يمين» اسمُ جنسٍ مُعَرَّفٍ بالألف واللام، فيجب أَنْ يكون عامًّا في النذر، ولم يتقدم نَذْرٌ معهود ينصرف الكلام


(١) القائل هو: السبكي.
(٢) ما بين المعقوفتين من «التحقيق»، وهو ساقط من الأصل.
(٣) تقدم تخريجه في (ص ٩٢).
(٤) ما بين المعقوفتين من «التحقيق»، وسيذكرها المجيب في (ص ٩٠٢).
(٥) «التحقيق» (٤٧/ ب).
(٦) ولا تعارض أقوال المتأخرين من الفقهاء بأقوال السلف.
انظر: جامع المسائل (٤/ ٢٥٥) (٦/ ٤٠١، ٤٠٣) (٨/ ١٦٠)، الفتاوى العراقية (٢/ ٥٦١، ٧٤٦).