للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لازمًا له إذا حنث ولا يجزئه في رفع ذلك اللزوم الكفارة، فإنه يقابله من جعل هذه الأيمان لا توجب شيئًا من الأشياء، لا ما جعله لازمًا ولا الكفارة ولا غير ذلك، حتى إن من الناس من يقول: قول هؤلاء أرجح من قول أولئك، ومنهم مَنْ [٣٩/ أ] يقول: قول أولئك أرجح.

والقول الوسط الذي بعث الله ــ تعالى ــ به رسوله - صلى الله عليه وسلم - هو: ما أنزل الله ــ سبحانه ــ في كتابه وجاء به رسوله المتضمنة للتعظيم لله، وهو أنه ليس من الأيمان قط يمين توجب على المسلمين شيئًا ولا تحرم على المسلمين شيئًا، ولا تُلْزِمُ بشيء لا مما ألزموه أنفسهم عند الحنث ولا غيره، بل ما كان مقصوده تعظيم المخلوقات فهو يمينُ شركٍ لا حرمة لها ولا كفارة فيها إذا حلف، وما كان المقصود به تعظيم الخالق ــ تعالى ــ فإنَّ فيه كفارة إذا حنث الحالف، ثم إنه يُؤمر بالحنث تارةً إذا كان فيه طاعة لله، وَيُنْهَى عنه أخرى إذا كان معصية، وَيُبَاح له تارة إذا كان كلا الأمرين مباح؛ والكفارة واجبة عليه بالحنث في الأنواع الثلاثة.

وحدثني بعض الفقهاء الثقات عن بعض أهل العلم الذين كانوا يفتون بالكفارة في الحلف بالطلاق أنه كان يقول لمن ينازعه: يا كذا وكذا لم تُدْخِلُونَ في دين الإسلام ما ليس منه، وتُضَيِّقُون على المسلمين ما وسَّعَ الله عليهم؟! أين في دين المسلمين يمينٌ يَلزم صاحبها موجبها من غير أن يكون فيها كفارة؟! أو نحو هذا الكلام (١).

* * * *


(١) سيذكر المجيب هذه القصة مرةً أخرى في (ص ١٧٦).