للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمجرد النية، بل بلفظ (١) تضمن التزامه ذلك، ونوى أنه لله، وحَلَفَ عليه باسم الله.

فإنَّ قولَه: إِنْ شَفَى الله مريضي فوالله لأفعلنَّ كذا = تضمن التزام هذا الفعل؛ فإذا قَصَدَ أَنْ يلتزمه لله فهذا هو النذر كما دَلَّ عليه القرآن.

وأَمَّا إِنْ قَصَدَ مجرد حَضَّ نفسه على الفعل من غير أَنْ يقصد التزامه لله بل قصد حض نفسه ومنعها فقط؛ كرجل قصد الحج فطلب منه أهله ألا يحج فحلف لَيَحُجَّنَّ؛ فهذا لم يقصد باليمين أن يلتزم لله، بل قصد توكيد عزمه عليه لما نهاه الناهون.

وكلام المجيب تضمن القسم الأول، فإنه قال: (وكذلك إِنْ كانت صيغته صيغة القسم ومقصوده اليمين أجزأته الكفارة، وإِنْ كان مقصوده النذر لزمه الوفاء، لقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: ٧٥]).

وعلى هذا؛ فإذا حلف على أفعال بر ليفعلنها فقد نذرها، يدخل فيه ما إذا حلف [١٤١/ أ] ليفعلنها لله متقربًا بها إليه فيكون قد نذرها لله ووكَّد نذره بالقسم، كما إذا قال: إِنْ سَلَّمَ الله مالي تصدقت، أو والله إِنْ سَلَّمَ الله مالي لأتصدقنَّ.

ولو قال: إِنْ سَلَّمَ الله مالي فعليَّ صدقة، وإِنْ كلمت فلانًا أو زَوَّجْتُ فلانًا ونحو ذلك فعليَّ صدقة؛ فهذا حالف لا ناذر.

وإِنْ قال: والله لأتصدقنَّ؛ يقصد حَضَّ نفسه على الفعل فقط لا يقصد أن يلتزم ذلك لله؛ فهذا ــ أيضًا ــ حالفٌ.


(١) في الأصل: (لفظ)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.