للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصلٌ

قال: (وأما التعليق المتنازع [فيه]: وهو ما يكون المشروط فيه وقوع طلاق أو عتق لا التزامهما فأبعدُ عَنِ الشَّبَهِ، لأنه لا التزام فيه كما تقدم، فإذا سُمِّيَ يمينًا إنما يكون ذلك على وجه المجاز، وقد يشتهر المجاز فيصير حقيقة عرفية، ولا يجب حمل كلام الشرع عليه؛ فمن ادعى أَنَّ إِطلاقَ اسمِ اليمين حقيقة لغوية أو شرعية فعليه إقامة الدليل على ذلك) (١).

والجواب: أنه قد تقدم تقرير هذا من غير وجه (٢)، وَبَيَّنَّا أَنَّ الصحابة والتابعين لهم بإحسان ومن بعدهم سَمَّوا هذا التعليق يمينًا ــ تعليق العتق المحلوف به ــ، ولم يقل أَحَدٌ منهم إنَّ هذا ليس بيمين، وكذلك سمى من ذكر تعليق الطلاق المحلوف به ولم يقل أَحَدٌ إنه ليس بيمين، كما سموا تعليق النذر المحلوف به يمينًا ولم يقل أَحَدٌ إنه ليس بيمين، وأنهم إنما تنازعوا في الحكم لا في الاسم، وأكثرهم [٢٧٦/ ب] جعلوه يمينًا داخلة في قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] وهم أول من خوطب بالقرآن وبلغتهم نزل، والتابعون بعدهم كذلك، وأَنَّ العلماء قاطبة والعامة يسمون ذلك يمينًا، والأصل بقاء اللغة وتقريرها لا نقلها وتغيرها، والأصل في الإطلاق هو الحقيقة دون المجاز (٣).

وَبَيَّنَّا أَنَّ هذا يمين في لغات جميع الأمم، وَأَنَّ معنى اليمين هو كمعنى


(١) «التحقيق» (٤٨/ ب)، وما بين المعقوفتين من «التحقيق».
(٢) انظر ما تقدم (ص ١٣٥ وما بعدها).
(٣) انظر ما تقدم (ص ٣١٠).