للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكن قولهم خلافًا لقول الشافعي عند ابن حزم، بل كان موافقًا لقول الشافعي عنده.

فإنَّ الشافعي يقول فيمن حلف بنذر العتق إنه تجزئه كفارة يمين، ويُفَرِّق بين ذلك وبين مَنْ حَلَفَ بوقوع العتق، وقد وافقه على ذلك أحمد وإسحاق وأبو عبيد ومحمد بن نصر وغيرهم، وابن حزم صَرَّحَ بأنَّ قول الشافعي هذا يخالف قول هؤلاء الذين نقل قولهم في العتق من الصحابة والتابعين، ومنهم طاووس.

فإذا قيل عن ابن حزم: يحتمل أَنْ يكون نَقْله عن طاووس فيمن حلف بنذر العتق؛ كان كذبًا على ابن حزم.

وأيضًا؛ فالحلف بصيغة (العتق يلزمني) كالحلف بصيغة (الطلاق يلزمني)، والمعترض قد رجَّحَ قولَ الجمهور الذين يقولون: إِنَّ هذا حلف بوقوع الطلاق لا حَلِفٌ بنذره = فكذلك يجب أَنْ يجعل هذا موجب الإطلاق في قوله (العتق يلزمني) أنه حلف بوقوع العتق لا حلف بنذره، كما أَنَّ هذا هو المعروف عند الناس من قول القائل: الحرام يلزمني والظهار يلزمني إِنْ فعلتُ كذا، وأيمان المسلمين تلزمني إِنْ فعلت، وأيمانُ البيعة تلزمني إِنْ فعلت كذا؛ فإنَّ هذا حلف بلزوم هذه الأيمان له إِنْ فَعَلَ لا حلف بنذر هذه الأيمان.

فإنَّ الناس لا يَقصد أحدهم في العادة على أَنْ أَحْلِفَ في المستقبل بأيمان البيعة وأيمان المسلمين إِنْ فعلتُ، ولا يَقصد يلزمني أَنْ أُحَرِّمَ أو أُظاهر فيما بعد إِنْ فعلت، ولا يقصد يلزمني أَنْ أُطَلِّقَ أو أعتق فيما بعد إِنْ فعلت، فلا يَقصد أنه إذا حنث لزمه أن ينشئ بعد ذلك طلاقًا وعتقًا وظهارًا