وإذا انتفى عندهم الإجماع وظن الإجماع ولم يكن عندهم إلا الكتاب والسنة وما لا دلالة عليه من المعاني المؤثرة المعتبرة في القياس؛ فمن المعلوم قطعًا لمن تدبر دلالة الكتاب والسنة نصًّا واستنباطًا أنه ليس فيهما ما يُوجب كونَ الطلاق المعلق إذا قصد به اليمين أولى بالوقوع من العتق المحلوف به، بل لا يستريب عالم بل مسلم أَنَّ العتق أولى أَنْ يقع، وأَنَّ الطلاق أولى ألا يقع، فمع استوائهما في كون كل منهما معلقًا تعليقًا قصد به اليمين يمتنع على مَنْ لم يستدل إلا بالكتاب والسنة لفظًا ومعنى ولم يكن عنده تقليد يمنعه من اتباع الدليل ولا ظَنُّ إجماعٍ يظنه معارضًا لدلالة النص والقياس = يمتنع ــ والحالة هذه ــ أَنْ يقول مَنْ له أدنى معرفة بالشرع أَنْ يحكم بوقوع الطلاق دون العتق.
فمن نسب أفضل القرون وأعلمهم وأفقههم إلى ذلك مِنْ غيرِ أَنْ يكونَ في كلامهم ما يدل على ذلك لأجل ظَنِّ شخصٍ جاء بعدهم في القرن الرابع أنه لا نزاع في الطلاق = كان الله ــ تعالى ــ حسيبه فيما نقصه من قَدْرِ الصحابة في العلم والفقه، وما جناه على الكتاب والسنة وأصول الشرع من تحريفِ [١٨٨/ ب] معانيها لأجل غالطٍ غلط بعدهم، وما حَرَّفَهُ من دين المسلمين حيث ألغى المعاني التي اعتبرها الله ورسوله من معاني الأيمان، واعتبر ما أهدره الله ورسوله من كون الكلام تعليقًا.
وقولنا:(الله ــ تعالى ــ حسيبه) كلمةُ عَدْلٍ؛ فهو يعلم إِنْ كان جاهلًا أنه جاهل ويعفو عنه، وإِنْ كان قد استفرغ وسعه، وهو يعلم إِنْ كان مذنبًا أنه مذنب أمره إلى الله ــ تعالى ــ.
ولكن المقصود بيان بعض ما يستحقه الصحابة ــ رضوان الله عليهم ــ من