للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا؛ فقد ثبت عن غير واحد من الصحابة - رضي الله عنهم - التسويةَ بين تعليقِ النذر وتعليقِ العتق إذا قصد به اليمين، بل لم يُنقل عن الصحابة - رضي الله عنهم - إلا التسوية بين تعليق العتق وتعليق النذر إذا قصد به اليمين، لم يُنقل عن أحدٍ منهم لا بإسنادٍ صحيح ولا ضعيف أنه فَرَّقَ بين نذر العتق والطلاق وبين تعليق النذر إذا قصد بهما اليمين.

فإذا كان الصحابة - رضي الله عنهم - لم يُنقل عنهم إلا التسوية بينهما سواء قالوا هما يمين يُكفرها أو قالوا بلزوم ما التزمه = كان المُفَرِّقُ بينهما مخالفًا لإجماع الصحابة الذي لم يعلم فيه نزاع بينهم، وكان مُفرِّقًا بين ما سوّى الصحابة بينهما، وكان ــ أيضًا ــ ملغيًا للمعنى الذي اعتبره الله ــ عز وجل ــ ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وهو معنى اليمين، ومعلِّقًا للحكم بوصف ملغًى عند الله ــ تعالى ــ ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وهو كونه التزامُ فعلٍ مع أَنَّ هذا الملتزم يلزمه ما التزمه إذا كان ناذرًا؛ فالوصف منتقضٌ عديم التأثير، والفرق بمثل هذا في غاية الفساد.

فإنَّ الوصفَ يَبطلُ بالنقض ويَبطلُ بعدم التأثير؛ فكيف إذا اجتمعا جميعًا؟! فإنه لا يكون مطردًا ولا منعكسًا، بل يثبت والحكم منتفٍ، وينتفي الحكم وهو ثابت، فقد يكون الالتزام موجودًا والحكم ــ الذي هو الكفارة ــ منتفٍ، ويثبت الحكم ــ الذي هو الكفارة ــ والالتزام في الذمة منتفٍ.

وقوله: (ليس من نذر اللجاج والغضب [١٥٧/ أ] في وِرْدٍ ولا صَدَر)؛ فكلامٌ يستلزم إسرافًا (١) إما من (٢) قلة العلم والفقه، وإما من قلة العدل والإنصاف.


(١) في الأصل: (إسرافٌ).
(٢) في الأصل: (في).