للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم يقال: إذا كان هنا مدركٌ ثانٍ وهو أنه التزم شيئًا أوجبه على نفسه = لزمك أَنْ توجب الكفارة في كل من أوجب شيئًا ولم يفعله، فيلزمك وجوب الكفارة [١٤٦/ ب] في نذر المباحات والمعاصي، وهذا مذهب أحمد وغيره دون الشافعي.

وأيضًا؛ فيقال: إذا وجبت الكفارة لأنه التزم شيئًا أوجبه على نفسه، فإنَّ اليمين تكون تارة حضًّا وتارة منعًا؛ فالحض فيها إيجاب والمنع فيها تحريم؛ فكما (١) قِسْتَ على اليمين من الإلزام ما كان فيه إيجاب على نفسه = فقس عليها ما كان فيه تحريم على نفسه.

ومعلومٌ أنه إذا عَلَّقَ الظهار والحرام والطلاق والعتاق على وجه اليمين، فقد حَرَّمَ على نفسه بهذا التعليق كما أوجب بذاك التعليق، وكل من الإيجاب والتحريم يكون موجب اليمين.

فإنْ قلتَ: قوله: «كفارة النذر كفارة يمين» محمولٌ عندنا على نذر اللجاج والغضب (٢).

قيل: المذاهب تتبع الأدلة الشرعية، [والأدلة الشرعية] (٣) لا تتبع مذهبًا، وليس لأحد أن يتأول كلام الله ورسوله على ما يوافق مذهبه إِنْ لم يقم عنده


(١) في الأصل: (فكلما)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.
(٢) قال البيهقي في السنن الكبير (٢٠/ ١١٠) ــ ومثله في معرفة السنن والآثار (١٤/ ١٦٩) ــ: وذلك محمول عند أهل العلم على نذر اللجاج الذي يَخرج مَخرج الأيمان، والله أعلم. ثم قال: وهو ــ إنْ صحَّ ــ محمول عند مَن لا يقول بظاهره على نذر اللجاج والغضب، والله أعلم.
(٣) إضافة يقتضيها السياق.