للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دليلٌ شرعيٌ على أَنَّ الله ورسوله أراد ذلك الكلام؛ فإنَّ المقصود بالتأويل: معرفة مراد المتكلم بكلامه، فإنْ لم نَعرف ذلك ولم يَقم على مراده دليلٌ= كُنَّا قائلين على الله ما لا نعلم، ثم جاعلين كلام (١) الله ورسوله تبعًا لكلامنا.

وقوله: «كفارة النذر كفارة يمين» لفظٌ عامٌّ لا وجه لتخصيصه.

ونذر اللجاج والغضب ليس بنذر في الحقيقة، بل هو يمين داخل في قوله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: ٨٩]، وموجَب هذا النص: أَنَّ كل نذر لم يوف به ففيه كفارة يمين، وهذا مذهب أحمد وغيره؛ كما أن كل يمين لم تَبرَّ فيها ففيها كفارة يمين، لكن الوفاء بالنذر واجب ليس كاليمين، فإذا قُدِّرَ أنه لم يف به= كان فيه كفارة يمين، ثم إيجاب كفارة يمين في النذر إذا لم يوف به يدل على أن نذر اليمين فيه كفارة يمين أيضًا، لأنه قصد بنذره اليمين = فكان أولى بالتكفير.

ولهذا كان هذا لا يجب فيه فعل المنذور، بل تُجزئُهُ الكفارة بخلاف الناذر المحض، فإنَّ عليه الوفاء، فإنْ لم يفِ كان عليه كفارة يمين.

وتَبيَّن بالنص والإجماع أَنَّ [١٤٧/ أ] كفارة اليمين تجب في أعم مما ذكره من الحلف بالاسم المعظم، وحينئذٍ؛ فالحالف بالطلاق والعتاق والحالف بالنذر كل منهم قصد بما عَلَّقَهُ لله الحلف، وهو كاره للزوم ما عَلَّقَه، لم يقصد لا وجوبًا ولا وقوعًا.

وما ذكرتَه في أنه لا حنث على الحالف في أظهر قولي الشافعي - رضي الله عنه - فهو كما ذكرت، فإنَّ هذا اختيار أئمة أصحابه العراقيين


(١) في الأصل: (لكلام).