فطائفةٌ لا تعد خلاف الشافعي خلافًا؛ كالقاضي إسماعيل بن إسحاق وغيره، وطائفة لا تعد خلاف أبي حنيفة خلافًا؛ كأكثر أهل الحديث، وطائفة تقول كان ينبغي لمالك أَنْ يَسكت؛ كما قال محمد بن الحسن وغيره، إلى أمور أخرى يطول وصفها (١).
وأيضًا؛ فيقال: مَنْ هؤلاء المعتبرون الذين فرض الله ــ تعالى ــ على جميع أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - شرقًا وغربًا ألا يعتبروا إلا أقوالهم دون أقوال مَنْ نازعهم؟ ومن أين نعلم ذلك؟ وما الدليل على ذلك؟ وهل يتكلم بهذا مَنْ يَعرف الأدلة الشرعية وأصول الفقه التي تُبنى عليها الأحكام؟
وكذلك قوله: عن إمام؛ ماذا تعني بالإمام؟ أتعني بالإمام من ائتم به طائفة من المسلمين؟ فما من عالمٍ من العلماء إلا وله طائفة تأتم به. أم تعني به من ائتم به جميع المسلمين؟ فليس في العلماء مَنْ يتبعه جميع المسلمين، بل ولا أكثرهم في مفرداته. أم مَنْ صُنِّفَتِ الكتبُ على مذاهبهم؟ فمعلوم أَنَّ الصحابة والتابعين لهم بإحسان يعتد بخلافهم بإجماع المسلمين، ولم
(١) انظر: جماع العلم (٩/ ٢٥ وما بعدها)، الرسالة الباهرة في الرد على أهل الأقوال الفاسدة لابن حزم، وجامع بيان العلم وفضله (٢/ ١٠٨٧ - ١١١٩)، جامع المسائل (٥/ ٧٢ - ٧٥)، وما تقدم (ص ٢٢٦).