للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحلف بالطلاق والعتاق إلا لفظ خاص في قضية معينة، قاسوا عليها غيرها، وهذا بخلاف النفي، فإنَّ طاووسًا صرح بالنفي العام، فقال: ليس الحلف بالطلاق شيئًا (١).

وإِنْ كان إثبات مذاهب المجتهدين بالقياس جائزًا = بطل نفيك لإثبات أقوالهم بالقياس، وقيل ــ حينئذٍ ــ: إذا كانوا يقولون: إِنَّ العتق المحلوف به لا يلزم، فهم يقولون: إِنَّ الطلاق المحلوف به لا يلزم بطريق الأولى والأحرى؛ وهذا القياس أصح من قياسك لوجوه:

أحدها: أنهم عَلَّقُوا الحكم بكون التعليق يمينًا، وأثبتوا فيه كفارة يمين؛ وهذا المعنى موجود في كل تعليق يقصد به اليمين، وأَخْذُ قولِ العالم من تعليل كلامه أولى مِنْ أخذه من قياس لا يدل كلامه عليه، بل على نقيضه.

الثاني: أنهم لو كانوا قد نفوا العتق لكونه لم يقصد التقرب ــ كما زعم المعترض ــ لم يوجبوا كفارة يمين، فإنَّ العتق الذي لا يقع لا يجب به كفارة، ومن قال من الشذوذ: إِنَّ العتق الذي لا يقصد به التقرب لا يقع = لم يقل إنَّ فيه كفارة يمين، والصحابة - رضي الله عنهم - الذين أفتوا بأن العتق لا يلزم أفتوا بكفارة يمين؛ فعلم أنه يمين عندهم لكونه قصد اليمين، وهذا المعنى موجود في تعليق الطلاق الذي يقصد به اليمين.

لكن قد يقال: هذا إنما يكون على قول من يقول: إنه إذا نذر الطلاق لزمه كفارة يمين إذا لم يطلق، كما يقوله أحمد وغيره (٢)؛ وأما مَنْ يقول: إنه


(١) تقدم تخريجه في (ص ٢٢٠).
(٢) انظر: الجامع لعلوم الإمام أحمد (١٢/ ٦٠٤ - ٦٠٥).