للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا القول الذي أهدر فيه المعاني المعتبرة في الشرع، واعتبر المعاني المهدرة، مع تناقض أصحابه، وعلم أَنَّ القول الذي دَلَّ عليه الكتاب والسنة هو موافق للشرع مُطَّرِدٌ غير متناقض.

فذاك القول لَمَّا كان من عند غير الله كان فيه اختلافًا كثيرًا، وهذا القول لما كان من عند الله كان متشابهًا يصدق بعضه بعضًا؛ وهكذا جميع الأقوال التي ثبت أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جاء بها توافق الأدلة الشرعية والعقلية فلا تتناقض، بخلاف الأقوال المخالفةِ لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنها مخالفة للشرع والعقل متناقضة.

فصلٌ

وأما قوله: (واستعمل النقض في القياس، وهو إنما توصفُ به العلة) فهو مع أَنَّه من المؤاخذات اللفظية التي لو فتح المجيب بابها على المعترض لطال الزمانُ بكثرة ما يرد عليه منها؛ فإنَّ هذا الاعتراض يدل على جهلِ صاحبه، وأنه لم يعرف من كلام الناس في هذا الباب إلا شيئًا يسيرًا؛ وإلا فالنقض لا تختص به العلة كما ادعى هذا المعترض الذي برز على أقرانه وظهر فضله عليهم في فعله ما يعجزون عن فعله، فإنه يتكلم كثيرًا مما لا يحققه، ويقفوا ما ليس له به علم، ويخوض من النقول والبحوث فيما لا يعرف حقيقته.

ولا ريب أن المقصرين في هذه المسألة معذورون لكونهم لم يجدوا فيها من النقل والبحث ما يصلون به إلى تحقيقها، لكن من رحمة الله ــ تعالى ــ أنهم ابتداءُ ظنهم أنهم يصلون إلى آخرها من قريب، وأَنَّ فيها نقولًا وأدلة