ولا يلزم من قوله: إذا فعلت كذا فهذا هدي وهذه أضحية وهذه الأرض وقفٌ على المسلمين، بل قوله: فعليَّ أَنْ أُطلِّق أو أعتق لأن تلك قربة تعلقت بالأعيان لا بالذمة ومع هذا لم يلزم وهذا كذلك، وإذا قيل هناك: عليه أفعال واجبة كالذبح والصدقة. قيل: وهنا عليه أفعال واجبة كتخلية سبيل العبد والمرأة.
وأيضًا؛ فإنه إذا كان العقدُ الواجب في الذمة الموجب عليه أفعالًا في أعيان وأحكامًا لا يصير مع قصد اليمين موجبًا؛ فالعقد الذي لا يقتضي إلا حُكمًا في عينٍ أولى ألا يصيرَ مع قصدِ اليمين موجبًا، فإنه من المعلوم أنه إذا وجب عليه أن يعتق فقد وجب عليه ما وجب عليه بالعتق وزيادة، فإنه يجب عليه أن ينشئ العتق، ثم ــ حينئذٍ ــ يفعل ما يفعل إذا عتق العبد، وكذلك إذا وجب عليه [٣٨/ أ] أَنْ يطلق المرأة فإنه يجب عليه أن يطلقها، ثم يفعل ما يفعل إذا كان قد طلقها.
وإذا قال: عليَّ أَنْ أُهدي شاة أو بعيرًا؛ فعليه أَنْ يهديه ويذبحه ثم يفعل ما يفعله بالهدي المعين إذا ذبحه، وإذا قال: لله عليَّ أن أتصدق بثلث مالي فعليه أنْ يتصدق؛ فهذه التعليقات توجب عليه أفعالًا، وتلك الأفعال توجب أحكامًا، وتلك الأحكام توجب أفعالًا أخرى.
فقوله: لله عليَّ أن أُعتق؛ يُوجب عليه أن يعتق، والإعتاق يوجب العتق، والعتق يوجب تخلية سبيله؛ فهذه الواجبات بإيجاب العتق أكثر من الواجب بالعتق المعلق.
فإن كُلَّ ما يجب بالعتق المعلق يجب بتعليق إيجاب العتق وزيادة، ثم قصد اليمين منع تلك الواجبات إنْ ثبت شيءٌ منها (١) فرفع إيجابَ العتق
(١) كذا في الأصل، ولعل صوابها: (أَنْ يَثْبُتَ شيءٌ منها).