للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصلٌ

قال: (وقد يستشكل تعليق الإنشاء، ويقال: كيف جاز تعليق الطلاق والعتق مع كونهما إنشاءين؟ وإنْ كان هذا السؤال لا يَصْدُرُ من المُصَنِّف لكونه موافقًا على صحة التعليق، ولا من جهة الظاهرية لموافقتهم على تعليق العتق.

فاعلم أَنَّ تعليق الطلاق والعتق ليس من باب تعليق الإنشاء، فإنَّ الإنشاء هو الإعتاق والتطليق، وأما العتق والطلاق فهما أَثَرَاهُمَا؛ فالإنشاء في الحقيقة هو التعليق الذي هو يُصَيِّرُ الطلاق والعتق مُعَلَّقَين بذلك الشرط [١٦٤/ أ]، والوقوعُ المعلَّق أَثَرُ ذلك الإنشاء؛ والإنشاء من مقولة الفعل، والوقوع من مقولة الانفعال.

فالزوج لم يُعَلِّق تطليقًا ولا إعتاقًا، وإنما عَلَّقَ طلاقًا وعتقًا؛ ويُبيِّنُ ذلك قول الفقهاء: التعليق مع الصفة تطليق، فلم يجعلوا الوقوع المعلق وحده تطليقًا؛ والله أعلم) (١).

والجواب: أَنَّ هذا الكلام قد تقدم منه مبسوطًا، وتقدم الكلام عليه، ولكن ــ والله أعلم ــ كان قد اعترض أولًا اعتراضًا مختصرًا ذكر فيه هذا الكلام، ثم بسط الاعتراض بما تقدم ذكره له أولًا؛ فلهذا تكرر هذا منه، ولا نؤاخذه في ذلك؛ بل نقول: مَنْعُهُ هُوَ من تعليق الإنشاء حجةٌ عليه، فإنَّ الوقوعَ تَبَعٌ للإيقاع مستلزم له، يمتنع وقوع بلا إيقاع، فإنْ كان الإيقاع لا يجوز تعليقه لم يجز تعليق الوقوع.


(١) «التحقيق» (٤٤/ أ).